المقالات التى كتبت عنه

فى جائزته

بعد وفاته

فى تخليده

مقابلات صحفية

[ بعد وفاته ]

حياة 66 عاماً حافلة بالمناصب والمسؤوليات

يعرف الرجال بالمواقف ، وتعرف المواقف بالرجال ، هكذا كان الأمير خالد بن أحمد السديري ، رجل المسؤوليات والمواقف ، وصفه أحدهم بأنه أمة في رجل . نال الحظوة بثقة ملوك المملكة ، والرفعة والمكانة في المواقع التي تبوأها ، والثقة والأمانة في كل مهمة عهدت إليه ، "رجل التنفيذ عندما وقعت الحوادث باليمن". فقد كان الملك فيصل يثق بالأمير خالد السديري كما يقول الأمير نواف بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين ، وكان من رجال هذا الوطن الذين خدموا وطنهم ، وتركوا أثراً واضحاً في كل موقع عملوا فيه "كما يقول عنه الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ، وهو "الوالد لي من صغري ، ولا أنسى رعايته وعطفه وحنانه" كما يقول عنه الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض . وما بين ولادة الأمير خالد بن أحمد بن محمد بن أحمد السديري في الأفلاج عام 1333هـ ، وإنتقاله إلى جوار ربه في اليوم الثانى من شهر المحرم 1399هـ ، حياة حافلة بالعطاء والمسؤوليات ، رحلة إمتدت من "الغاط" حيث درس القرآن الكريم والفقه وتعلم أصول اللغة العربية وعلومها ، إلى العاصمة الرياض عندما صار شاباً يافعاً ، لإستكمال التحصيل العلمي والمعرفي ، ثم إلى معترك العمل الجهادي دفاعاً عن الوطن ، وبعد ذلك منخرطاً في المسؤوليات والمهام الحسام التي عهدت إليه ، وكان محل الثقة والأمانة .

وقد حرص طوال حياته على تكوين علاقات مع جميع مشارب وأطياف المجتمع السعودي ، وقد ساعده على ذلك تنقله في جميع أنحاء المملكة ، فقد عمل في جنوب المملكة بعسير وجيزان ونجران وشمالها في تبوك ووسطها بالرياض وشرقها بالدمام ، وفي غربها كانت أسرته تقيم في مدينة الطائف ، وتنقل بين كل من الطائف والرياض وجدة طوال عمره ، وكانت نشأته في الغاط في إقليم سدير القريبة من الزلفي والقصيم . وقد عمل في كل المناصب التي تقلدها على التوفيق بين مصلحة الدولة وخدمة الناس وكسب الإثنين معاً ، فرجل بحجم وشموخ وعطاء الأمير خالد السديري لا يستطيع كاتب أن يعطيه حقه .

المصدر مجلة شخصيات – العدد السادس عام 2006م

  

خالد الأحمد السديري وضياء البسمة

أيام تغيب شمسها وأخرى تشرق من جديد ، والأجيال سلسلة متصلة يكمل بعضها بعضاً ، موكب يمضي وآخر يأتي ، كما الأنفاس لا يفيد شهيقها ما لم يتبعه زفيرها . تلكم هي دنيانا لا نفقه من مكنونها معشار ذرة ،والله سبحانه وتعالى يقول :(وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) 85سورة الإسراء . فى مثل هذا الشهر ، شهر الله المحرم ، وتحديداً فى اليوم الثاني منه لعام 1399هـ ، ودعت هذه البلاد المباركة أحد أبنائها الأكفاء البررة ،  ستة وعشرون عاماً مضت منذ أن إحتضن ثراها جثمانه الطاهر ، ومازال طيفه يسبح في فضاء ذاكرتي وما زال رسمه يعمر وجداني ، إنه المغفور له - بإذن الله - الأمير خالد الأحمد السديري ، إبن الأرض كل الأرض ، من جنوبها إلى شمالها ومن شرقها إلى غربها ، فهو إبن الأفلاج حيث ولد عام 1333هـ ، وإبن الغاط التي شهدت طفولته ونشأته وتعليمه ، وإين (جميلة الجميلات) عسير الغالية حيث بدأ في شهر رجب 1353هـ حياته العملية مساعداً لأميرها (آنذاك) شقيقه الأمير تركي الأحمد السديري - رحمه الله - وإبن جيزان إذ تولى إمارتها فى عام 1364هـ ، وإبن (الواجهة الشرقية) الظهران والقطيف والدمام فقد تولى إمارتها فى عام 1364هـ . وإبن ما تبقى من ربوع الوطن حيث عين في عام 1365هـ مستشاراً للباني الموحد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وكان يرافق جلالته في تنقلاته المتواصلة بين مناطق المملكة المختلفة ، وهو إبن    (عروس الشمال)  تبوك التي عين أميراً لها في عام 1366هـ لمدة تقارب السنوات العشر شهدت خلالها نقلات حضارية سجلت له بحروف من ضياء . إنه الأمير خالد الأحمد السديري الذي بجده وفطنته ووفائه وإخلاصه نال الثقة كاملة فأوكلت إليه المهمات الجسام ، من منصب إلى آخر ، ومن منطقة إلى أخرى ، وكان أهلاً لها جديراً بها ، ففي عام 1375هـ تولى وزارة الزراعة ، وفى عام 1382هـ عين مشرفاً على أعمال إمارة نجران ثم أميراً لها بعد أن أصبحت منطقة بموجب نظام المقاطعات ، وإستمر فيها حتى وفاته رحمه الله . إنه ذلكم الرجل الذي إجتمع الناس (بمختلف مشاربهم) على محبته وتقديره وإحترامه ، ليس مجاملة ولا رياء ، وإنما إبنهار وإستعظام لأخلاقه العالية وعطاءاته المجيدة ، واللافت أن كل من يحضر مجلسه ينال الكثير من رعايته وإهتمامه لدرجة يشعر معها أنه أقرب الموجودين إلى فكره وقلبه وأشهد أنني كنت الأقرب إليه ، وما زلت أذكر ذلك اليوم حيث قدم - رحمه الله - إلى نيويورك في زيارة خاصة ، وكنت وقتئذ نائباً للملحق الثقافي السعودي فيها لقد أبهرنى ذلك الإستقبال الذي حظي به فى أرض المطار من قبل السلك الدبلوماسي السعودي وأبناء الجالية السعودية ، لقد كان إستقبالاً رائعاً مهيباً يليق بمكانته الرفيعة ، ويملأ القلب شعوراً بالفخر والإعتزاز ، وكنت أكثر سعادة بهذا الشعور وهو يشرفني بزيارة خاصة في مكتبي ، يبادلني الأحاديث والمشاعر كما لو كنت واحداً من أبنائه ، والسعادة الأكبر والأعم كانت في تلك اللحظة التي كان يهم فيها بالصعود إلى سلم الطائرة مغادراً ، وفي أوج الوداع الذي لايقل حفاوة عن الإستقبال ، وفي مشهد عظيم خالد ، يخلع - رحمه الله - معطفه ويلقي به إلي ويخصني به دون غيري ، كدت أطير بأجنحة الفرح والسعادة والنشوة والإعتزاز ، ونظرت إليه فإذا بإشراقة وجهه ونظرات عينيه تغمران قلبي حباً وبهاءً وحناناً وجمالاً ، فإبتسمت له وإبتسم لي ، وها أنذا حتى يومي هذا أرى في معطفه أحلى هدية وفي بسمته أصفى ضياء .....!  

يوسف بن عقيل الحمدان

نائب الأمين العام لمؤسسة الملك فيصل الخيرية

 

مكانة مرموقة

ذكاء فياض وحب ... متدفق جعل هذا التلميذ يحظى بمكانة فى قلب معلمه عبد العزيز طيب الله ثراه وأبنائه من بعده فتقلد مناصب عدة فى الدولة كان آخرها الإشراف على إمارة منطقة نجران التى كان لى شرف لقائه بها ومعاشرته فيها والعمل معه عن كثب فكنت دائم التطلع والسعى لإكتشاف معالم هذه الشخصية التى يصعب على الفكر أو القلم أن يلتمس أو يلم أطرافها فى جمل والتى كان لها أثر جوهري فى حياتي العملية والخاصة على حد سواء . إن معلماً عظيماً كجلالة المغفور له الملك عبد العزيز لابد أن يخلف مثل هذه الكوكبة المباركة من أبنائه وتلاميذه العظماء . تلك قاعدة فى مجال التربية والتعليم وتلك كانت أول إهتمامات المعلم طيب الله ثراه وأول إهتمامات أبنائه وتلاميذه من بعده  فى هذا البلد الخير لإيمانهم العميق بمدلول أول ما نزل على رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى "إقرأ باسم ربك الذي خلق" .. فعندما تولى الأمير خالد إمارة منطقة نجران عام 1382هـ كان عدد المدارس بها ثلاث مدارس إبتدائية فقط تابعة لمنطقة بيشة التعليمية وحين إنتقل إلى رحمة الله سنة 1399هـ كان عدد المدارس أربعا وثمانين مدرسة ومنها أربع للمرحلة الثانوية وخمس عشرة للمرحلة المتوسطة وخمس وستون للمرحلة الإبتدائية بالإضافة على تعليم الكبار ومحو الأمية وكانت فى نجران إدارة مستقلة تشرف على التعليم ونشره ، كل ذلك بفضل مجهوداته المتواصلة .

تطوير مرافق نجران :

هذا التطور فى مجال التعليم واكبه تطور مطرد فى كل المجالات والمرافق الحيوية بالمنطقة مما يعكس بوضوح مقدار حنكة الرجل وحكمته فى إدارة شئون المنطقة ثم رغبته الأكيدة المخلصة التى تمثل تطلعات القائمين على بلادنا فى الوصول بالمواطن السعودى والبلاد السعودية إلى مصافي الدول المتحضرة فكراً ومظهراً بل أن إدراك هؤلاء الرجال لتميزنا بتطبيق القانون الرباني وشريعة الإسلام الخالدة جعلنا نبز أقراننا فى كثير من المناسبات والمحافل الدولية .

عبد العزيز العياضي

المصدر : جريدة البلاد العدد 9396 السبت 15 رجب 1410هـ الموافق 10 فبراير 1990م

 

عندما تتلوي طرق التاريخ

لقد تعرض الباحث خالد الحسياني فى مقاله بجريدة  (الجزيرة) الصادر بتاريخ 6 ربيع الآخر 1427هـ تحت عنوان : (عبد الرحمن بن أحمد السديري : تاريخ وعطاء) لأبناء أحمد بن محمد السديري كل من تركي ومحمد وعبد الرحمن ومساعد ، ولم يذكر عبد العزيز إلا كأمير للجوف فقط . ومن المعروف أنه عمل مفتشاً للحدود الشمالية ، وأميراً لإمارة القريات لسنوات طويلة ، ومفاوضاً لترسيم الحدود بين المملكة والأردن ، وأخيراً وزيراً للزراعة لمدة قصيرة قبل وفاته رحمه الله عام 1375هـ ، كما أن الباحث المحترم أسقط ذكر أخيهم خالد ، عدا أنه يمتلك عدداً من الكتب التي ورثها من والده . والحقيقة أن إغفال حقائق التاريخ التي برزت على يد الأمير خالد بن أحمد السديري من خدمة لهذه المملكة الفتية ما يملأ المجلدات ذكره لهو مدعاة للتساؤل ، وبخاصة من باحث تاريخي يفترض أن يكون صادقاً في سرده للوقائع مكملاً لما بدأه عن السير الذاتية لعظماء ساهموا في مسيرة الرخاء وإستتباب الأمن تحت قيادات حكيمة إختارت الرجال الأفذاذ لتثبيت أركان الدولة . إنني من منطلق حرصي على إيضاح الحقائق أعتبر الماضي مسؤولية وأمانة ونحن نخلق أجيال المستقبل من خلال تعاملنا مع الحاضر الذي يجب أننكون فيه أمناء وموضوعيين وصادقين في إيضاح الحقائق .

مبارك محمد المطلقه

أبها - النادي الأدبي - جريدة الجزيرة

ذكرياتي معهم
خالد بن أحمد السديري

قابلت الأمير خالد رحمه الله لأول مرة في منزل (سعد بن دلقان) في مناسبة غداء في أواسط عام 1378هـ، والدلقان من جماعتنا أهل (مراة) بالوشم ويعمل عند السدارى في بيتهم بالطائف منذ ترك (الهجانة) قبل سنوات طويلة ، وكان وقتها يستأجر منزلاً شعبياً في حي (قروى) فيه ديوان تم فيه اللقاء مع الأمير خالد الذي كان وقتها وزيراً للزراعة ، بعد خدمة سابقة في إمارات متعددة في الجنوب (أبها وجيزان) وفي الحدود الشمالية الغربية (تبوك)، وفي الشرق في مقاطعة الظهران .
وأذكر من تلك المناسبة البعيدة التي جمعتنا بالراحل، بأنه كا
ن في ريعان شبابه ونضارته ، وتبدو عليه سيماء الوسامة والنبل ، كما كان متحدثاً لبقاً.. ولا يبدو عليه شيء من التكبر أو الغرور وهو داء يبتلى به الكثير من الناس ، المسؤولون منهم والوجهاء ، بل وتجار (الحراج)؟!
كنت مع مجموعة من الشباب الصغار وبعضهم من أبناء عمي أو خالي وأهل (مراة) ندرس في مدرسة أو معهد دار التوحيد المشهور في الطائف، فالتفت إلينا رحمه الله وقال بعاطفة أبوية: ليش كلكم يا عيالي في دار التوحيد؟! ولم يجبه أحد منا ، ربما خجلاً أو حياء ، فتطوع (سعد بن دلقان) رحمه الله بالجواب على شكل نكتة إذ قال : جماعتنا -طال عمرك- في البحرين أيام الغوص ، إذ اشترى واحد من دكان كلهم يروحون ويشترون منه! فضحك يرحمه الله - وعرف لماذا كل أهل (مراة) في دار التوحيد ولا يلتحقون في ذلك الوقت بالجيش مثلاً كأهل القصيم!!
قبل اللقاء بسنة عندما كانت دار التوحيد في بيت أبو عرب بحي الشرقية بالطائف، كنت أزور (ابن دلقان - أبو عزيز) وكان يشغل الدور الأرضي من بيت باطويل الكبير -في ذلك الوقت- الذي تسكنه عائلة الأمير خالد المقيمة دائماً في الطائف ، وكان يبعد أمتاراً عن مدرستنا المذكورة .
ولم أر الأمير بعد تركه وزارة الزراعة إلا بعد أن أصبح مسؤولاً في منطقة نجران الحدودية بعد وقوع حرب اليمن ، وقد نقل عمل والدي -بالصدفة- إلى نجران في تلك المرحلة المضطربة وذهب بعائلته إلى هناك، وتوثقت علاقته بالأمير خالد الذي أهداه (رشاش برت) كما ذكر لي والدي! كما ذكر لي صهري: خالد محمد عسيري أنه انتدب لمدة عام كمسؤول عن اللاسلكي في نجران في تلك الأيام المضطربة ، وتوثقت علاقته بالأمير خالد الذي كان يسكن في مخيم خارج المدينة التي كانت تقصفها الطائرات المصرية بشكل مستمر ، وتمتلئ بالمقاتلين والسلاح من الملكيين اليمنيين ، ويدير الأمير السديري كل ذلك برباطة جأش وشجاعة وصبر عجيب والوالد وصهري شاهدا عيان على مناقب الأمير في تلك المرحلة التاريخية الهامة والحساسة في تاريخ السعودية ومصر واليمن والعالم العربي ، أما المناسبة الأخرى التي قابلت فيها الأمير خالد فكانت في التسعينات الهجرية ، وكان بيته الكبير المفتوح ، على مقربة من بيوتنا في حي (قروى) بالطائف ، وكنت وقتها أعمل في التعليم بالطائف.
وقد اشتهرت كأديب بما أنشره في الصحف السعودية ، وبرئاستي لنادي الطائف الأدبي وقت تأسيسه 1395هـ - 1396هـ، وكان مبنى النادي المتواضع في (قروى) على مقربة من بيت السديري ولما دخلت عليه رحمه الله ذكرّه بي وبوالدي (سعد بن دلقان) فقام وعانقني بود أبوي ، وقربني إليه في المجلس ، وكان مليئاً بالزوار ، ومن بينهم بعض أنجاله كتركي ومحمد ، وصار يسألني عن التعليم ، والكتب ، ويناقشني في الأدب والتاريخ حتى حان وقت العشاء ، فقمنا في معيته وتعشينا معه ، وأصرّ أن أكون إلى جواره دائما مما جعلني أحب هذا الرجل النبيل وأكبره ، فقد كان يعرف أقدار الناس .
وكما لمست من حديثه ، وعرفت من بعض أبنائه ومعارفه -فيما بعد- بأنه شغوف بالمطالعة في كتب التاريخ والأدب والأنساب ، وله معرفة واسعة بالقبائل ، وجغرافية المملكة ، كما كان إدارياً وقائداً محنكاً عركته السنين والأحداث ، وعجنت عوده بالصلابة ، بالإضافة إلى أنه يقول الشعر العربي والنبطي :
ومن شعره هذه الأبيات من قصيدة له نشرت بجريدة (الجزيرة) بعنوان (ذروة المجد)

  قال مـن هو تمثل فـي كـلامه                                    كلمة الحق هي خير الدلايل

 ذروة المجد في حجر اليمامه                                     لابة.. عزهـا من عصر وايـل

مركز الطيب هم ذروة سنامه                                   فعلهـم بين كل النـاس طايـل

هم هل المجد عنوان الشهامه                                    بالمـلاقي يـروون السلايـل

بيرق النصر حطوا له علامـه                                       رايــة ظلـلت كـل القـبـايــل

دار عدوانهم صارت هدامـه                                     عـزهــم راح مثل الفي زايل

وضـدهم راح ما حصل مرامه                                   ذاق من نسل عدنان الغلايل

كتب عنه الأستاذ الأديب: عبدالله بن محمد بن خميس في كتابه: «أهازيج الحرب أو شعر العرضة» ص 129 ما يلي:
{... ركن في دولة الملك عبدالعزيز وابنه (سعود) وابنه (فيصل) وابنه (خالد) وقائد جيوش وسرايا وأمير مقاطعات، وزيرُ عرف بإخلاصه وتفانيه في سبيل قيام هذا الكيان والحفاظ عليه، ومع ذلك فهو من أسرة شريفة، ومن مقام كريم، ومستوى متناه في الكرم والعز وحسن الأحدوثة .
ثم هو من قبل ومن بعد غاية في التواضع وحسن المعاشرة، وطيب الذكر والعقل وحسن التدبير، ثم هو شاعر مجيد في الشعر الفصيح والشعبي، له في كليهما مشاركة جيدة، ومواقف محمودة، وجزالة وقوة .
خالد السديري علم من أين ما تعرفت على شخصيته في جانب من جوانب الفضل وجدته نابهاً متمكناً...}. ثم أورد له في الكتاب نماذج من شعره النبطي وحربياته التي قالها يرحمه الله.
ولفقيدنا المرحوم جائزة سنوية للتفوق العلمي تعطى للطلبة والطالبات المبرزين في التعليم العام كل سنة بمنطقة (سدير)، وفي ظني أن الشاعر الساخر الشهير الذي عاش في (نجد) خلال القرن الثاني عشر الهجري حميدان الشويعر يستحقها بجدارة! فقد خلّد في أبيات شعرية معبرة جَدّ السدارى الأعلى (سليمان) أمير «الغاط» في وقته، بعد أن أعاد له مطيته وما عليها.. من البدو (الحنشل) وقد مرّ بالغاط قادماً من الزبير في طريقه للوشم .
                                                                      يقول الشاعر:

                       مـن قـابل خـشـم ( العــرنيــة )                     فالخــاطر منقول خطــره

                      ومن قــال أنا مثـــل (سليمان)                    كرم السامع ياكل بعره. !

وللفقيد العزيز الكثير من الأنجال، الذين عرفت بعضهم بحكم تجاورنا بالطائف، وعرفت فيهم الأدب والتربية الحسنة والرقي في التعامل، أذكر منهم هنا النجل الأكبر الشيخ (فهد) الذي تولى إمارة منطقة نجران بعد والده، وكان وكيلا لوزارة الإعلام وسفيراً ناجحاً في دولة الكويت وقتها، و(تركي) الذي عمل طويلاً في الإدارة ومجال الخدمة المدنية، ووصل قبل تقاعده إلى رتبة وزير دولة وعضو في مجلس الوزراء، و(أحمد) المحامي الناجح في جدة، وقد جمع ثقافة حقوقية وعامة واسعة، وهو كريم الطبع، سمح السجايا ولي ذكريات طويلة معه .
و(متعب) المتخصص من أمريكا في إدارة الأعمال، ويعمل بالقطاع الخاص بالرياض، وفيه شهامة وكرم ووفاء وتواضع. و(محمد) و(سلطان) وقد عرفتهما عن كثب في الطائف، وتوليا في عهد والدهما وكالة إمارة منطقة نجران .
والفقيد من مواليد الأفلاج عام 1333هـ، وتوفي بعد صراع طويل مع الأمراض التي لم تقعده عن أداء عمله كأمير لمنطقة نجران، في ظروف حساسة وصعبة، فقد كانت الحرب الأهلية في اليمن على أشدها، وكانت المناطق الحدودية كنجران وجازان مستهدفة ، والاعتداءات من الطيران المصري مستمرة، والحالة خطيرة لعدة سنوات. وكان شقيقه الشاعر الكبير محمد الأحمد أميراً لجازان في ذلك الوقت العصيب وتحمّلا الشدائد معا..
وتوفي الأمير خالد في أحد مستشفيات أمريكا ونقل جثمانه ليدفن في المملكة في عام 1399هـ .
رحم الله الفقيد الكبير، فقد كان من أفذاذ الرجال، ومن جيل البناة العظام الذين تبقى ذكراهم خالدة في ذاكرة التاريخ والزمان .

                                                                               جدة

                                              حمد الزيد

المصدر : جريدة الجزيرة (الثقافية) العدد 341 الخميس 09 جمادى الثانية 1432هـ الموافق 12 مايو 2011م

 

إضاءات في حياة الأمير خالد بن أحمد السديري

الأمير الإنسان خالد بن أحمد السديري أكبر من يعرف في سطور وأن يكتب عنه في عجالة .. فهو سليل أسرة إشتهرت بالكرم والشجاعة والعلم والأدب والشعر وتاريخه في خدمة وطنه وأبناء وطنه ساطع كالشمس من خلال عمله الحكومي فى الدولة في عدة مواقع ومناطق أو من خلال خدمته وتشجيعه للعلم والعلماء والأدب والأدباء أو من خلال المشاركة في جائزته التي سنها أبناؤه من بعده لتشجيع العلم والذي لا يستغرب منهم أبداً فهم أبناء هذا العظيم الذي خدم الجميع في كل مكان دون تفرقة بسبب عرق أو مذهب رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خيراً وأحسن الله إليه . وأنا شخصياً ممن إستفاد من تشجيعه ودعمه يوم كان التشجيع والدعم مطلوباً وكان الفقر والحاجة هو حال أكثر أهل الجزيرة العربية . الأمير صاحب فضل على كل منطقة أو ناحية من الأنحاء التي يصل إليها ونحن في منطقة نجران لا ننكر فضله ولا نغمطه حقه . فله أياد بيضاء طولى في مناحي الحياة المختلفة أخص منها التعليم الذي نما في عهده نمواً كبيراً وشجع عليه ودعا الأدباء والعلماء إلى مجلسه في مزرعة العريسة وفي غيرها .  ولا يستغرب الكرم من أهلها فأجداده وأهله على هذا النحو من السيرة العطرة وكما عرفناهم على نهج واحد وطريقة واحدة صغيرهم وكبيرهم فهم أصحاب نخوة وكرم وشجاعة وكل الصفات الأخلاق العربية الأصيلة . أما الإضاءات في حياة أميرنا المرحوم بإذن الله خالد بن  أحمد السديري فهي كثيرة ويعلمها القاصي والداني أجتهد لأعرض بعضها وهي لا تحصى ولا تعد ويلزمنا مجلدات للحديث عن هذا الأمير الأسطورة .. الشهم وكل صفاته ومناقبه وحكمته وحبه للخير وعلمه وشعره وشجاعته المعروفة .

الإضاءة الأولى : تشجيعه للعلم :

أعرض هنا موقفاُ شخصياً وأنا لا زلت صغيراً وهو أنني من قبيلة لسلوم يام جهة وادي حبونا وفي ذلك الوقت لم يكن هناك سوى مدرسة إبتدائية في حاضرة حبونا وقد دفعني والدي دفعاً لأدرس في هذه المدرسة وأنا في سن خمس سنوات تقريباً وكنت أسكن عند أقارب لنا في حبونا وبعد أن أنهيت الإبتدائية رجعت لأهلي وهم في ذلك الوقت في البادية حيث أن المدرسة المتوسطة الوحيدة هي في نجران أبا السعود ولا توجد مدرسة غيرها في ذلك الوقت . فمكثت سنة بعد الإبتدائية عند أهلي وبالمناسبة أعترف أنني عاطل باطل لا أرعى إبل ولا غنم وكان والدي - رحمه الله - يرغب في مواصلتي الدراسة ولكن نجران بعيدة ولا نعرف أحداً من جماعتنا هناك يمكن أن يثق به والدي ويتركني عنده وقد أشار أحد أعمامي (فالح بن مرزوق بن دكام) على والدي أن يأخذني للأمير خالد السديري ليحل مشكلتي بنفسه وكان معي إبن عم لي . ذهبنا مع والدي لمزرعة الأمير بالعريسة ولم نجده وبالمناسبة هذه المزرعة لم أر مثلها في حياتى كلها وأنا أكتب لكم وعمري يناهز الخمسين عاماً وقد رأيت أغلب العالم ومزارعه ... والمزرعة المذكورة جنة الله في أرضه وهي عبارة عن عدة مزارع وفي أنسب مكان في نجران زراعياً ففيها النخيل (وكان رحمه الله تعالى أول من أدخل زراعة البرحي والسكر وأصناف جيدة من التمور إلى منطقة نجران وقد أحضرها من البصرة في العراق على حد ما أعلم وقد نجحت نجاحاً مبهراً وينعم أهل نجران والمملكة كلها بهذه الأصناف التي جلبها رحمه الله من العراق وغيرها . وفيها بساتين العنب بكل أنواعه والرمان وأشجار الحمضيات من البرتغال واليوسفي والليمون وفيها غابة للجهة الشرقية لم أر مثل أشجارها في الحاضر والماضي . أرجع للموضوع وأقول وجدنا الأمير مسافراً وقد كنا ركاباً مع واحد من جماعتنا في سيارته بعد ذلك رجعنا لديرتنا . وخطرت فكرة أن أذهب أنا وولد عمي إلى الأمير في مزرعته فذهبنا في عصر يوم وقد كتبت طلباً في قصاصة ورق صغيرة أوضحت من نكون ورغبتنا في الدراسة في نجران وعند دخولنا سألنا المسؤول عن المزرعة وهو شخص يقال له سيد أحمد يماني الجنسية فقال الأمير تحت السدرة فذهبنا إليه وسلمنا عليه ووجدنا مع أخوانه في وقت مناسب وأعطيته الطلب فتناول قلماً لازلت أذكره نوع 51 لونه ذهبي وكتب على الطلب الآتى : الأخ عليان لا بأس من إسكانهم في الضيافة وتابعوا موضوعهم في المدرسة وأخبروني عن أي شيئ يحتاجونه ومن ثم ذهبنا إلى وكيل الإمارة عليان العمر في ذلك الوقت وأحالنا إلى الضيافة وسلمونا غرفة ونقلت المدرسة المتوسطة من البلد إلى الفيصلية وتمكنا من إنهاء دراستنا المتوسطة والثانوية بفضل الله ثم بفضل الأمير المرحوم - بإذن الله تعالى - خالد بن أحمد السديري وليس هذا وحسب بل أمر بالبحث عن منزل لكل الطلبة المغتربين من محافظة حبونا في نجران وإستأجره على حسابه الخاص .

الإضاءة الثانية موقفه مع قبائل لسلوم يام:

وجهت قبائل لسلوم دعوة للأمير لإكرامه في وادي حبونا على مورد مياه يقال له (سلوه) وحضر لسلوم حاضرة وبادية وفي أثناء الحديث قال لهم الأمير واديكم زين للزراعة ولا فيه مانع لو تقسمونه بينكم وهذا ما حصل فقد ساعدهم في إعماره وأصبح الآن مدناً متصلة وصلتها الخدمات بأنواعها وهذا الموقف لا ينساه أحد من سكان هذه النواحي .

الإضاءة الثالثة : دوره في حل الخلافات القبلية :

عاصر الأمير إنتقال المجتمع في المملكة من مجتمع ذي طابع قبلي إلى مجتمع حضري وبالتالي عاصر كثيراً من المشاكل بين القبائل على الأراضي وموارد المياه والمراعي وغيرها وكان رحمه الله حكيماً حليماً في التعامل مع مثل هذه المسائل .. أتذكر قصة سمعت بها حدثت لشخص يدعى (أبا فقايا) من آل فطيح من يام عندما أراد أن يبني محطة محروقات على طريق نجران وداي الدواسر بالقرب من الحدود القبلية بين يام والدواسر وقد إعترض الدواسر ومنعوه وكادت تحصل مشكلة قبلية كبيرة لولا حكمة الأمير خالد السديري رحمه الله فقد إستدعى (أبا فقايا) ومنحه أرضاً لإقامة محطة محروقات في مزرعته الخاصة بالعريسة والتى بنى عليها محطة محروقات على الطريق العام حلاً للمشكلة التى كادت أن تحصل وهي حتى الآن قائمة وقد رزقه الله من خلالها خيراً كثيراً كما أنه رحمه الله كثيراً ما يحل المشاكل بالحكمة وبأسلوب راق في التعامل مع المختصمين وفي أغلب الأحيان فإن حكمه حكم نافذ برضا وقناعة المختصمين كما أن دوره عظيم في خلق السلم الإجتماعي والقبلي بأسلوب متحضر ومتقدم جداً .

الإضاءة الرابعة : بناء نجران الحديث :

التاريخ لن ينسى للأمير المرحوم بإذن الله خالد السديري أعماله الجليلة وجهده المخلص في بناء نجران الحديثة بلد التاريخ والتراث العريق فقد أسس مقومات نهضتها وإنمائها في كل مناحي الحياة من تعليم وصحة وخدمات ..إلخ وسار على نهجه إبنه الأمير فهد بن خالد السديري ثم صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود بن عبد العزيز ولا يتسع المجال لتعداد التطورات المتلاحقة والسريعة في عهده وعهد إبنه الأمير فهد بن خالد السديري .

الإضاءة الخامسة : مجلسه في مزرعة العريسة :

لازال عالقاُ في مخيلتي مجلس العلم والأدب الذي يجمع فيه العلماء والأدباء في جو بهيج تحت عرائش العنب الوارفة الظلال وحدائق الورود التي تحف المجلس من كل جانب . وكم تمنيت لو أن هذا المكان بالذات يكون مقراً للنادي الأدبي الأول في منطقة نجران النادي تحت التأسيس وبمساعدة الميسورين من أهل المنطقة وغيرهم . إضاءات الأمير لا تعد ولا تحصى وسنظل نحن أبناء المنطقة حاضرة وبادية أوفياء له ولأسرته الكريمة ما حيينا وسندعوا له في كل صلاة وفي كل مكان وزمان .. رحم الله أميرنا المحبوب رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته . وفى الختام ليس حباً للإضاءات وإن كانت تستحق الحب عشقاً لأفعال وأخلاق الرجال .  والله من وراء القصد

بقلم العميد الركن : صالح بن مرزوق بن دكام اليامي

 

سيرة عطرة

رحم الله معالي الأمير /  خالد بن أحمد السديري وأسكنه فسيح جناته نظير ما قدمه لدينه ووطنه وأمته من الأعمال الخالدة والتي ساهمت في بناء الوطن الغالي وقد عرف بعلو المقام والهامة وقد اسندت اليه الكثير من المهام من قبل صاحب الجلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن وأبنائه طيب الله ثراهم . وما أردت إضافته ما عرفته وسمعته عن والدي / محيميد بن هادي الصبياني أطال الله في عمره , حيث لازمه ورافقه في كثير من المواقع والأحداث منذ فترة توليه أمارة منطقة جازان في عام 1359هـ ومن ثم رافقه إلى الظهران عندما تولى أمارتها ومن ثم إلى الرياض عندما أصبح مستشاراً في شعبة مستشاري جلالة الملك .وقد كان معالي الأمير   خالد السديري وفياً ومخلصاً لمرافقيه وأصدقاءه بقدر ما كان هؤلاء أوفياء له . وقد أنهى والدي / محيميد بن هادي حياته العملية بإمارة منطقة جازان كرئيس لأخوياء أمارة منطقة جازان بتاريخ 1 / 7 / 1403هـ في عهد أميرها المحبوب معالي الأمير / محمد بن تركي السديري حيث أستمرت خدمة والدي بالأمارة ما يقارب خمسون عاماً .  ولقد كان معالي الأمير / خالد بن السديري (رحمه الله) رجل ذو فراسه وبعد نظر لقراءة المستقبل إلى جانب ثقافته وشجاعته وتواضعه مع علو الهامة أبان أمارته لمنطقة جازان حسب ما ذكر لي والدي / محيميد بن هادي . فقد جمع حوله من رجالات العلم والفكر والأدب من أبناء منطقة جازان ويعتبر أول حاكم إداري تلتف حوله تلك الكوكبة أو النخبة وقد فتح أبواب منزله كمنتدى ثقافي يلتقي فيه بأبنائه وأخوانه من العلماء والشعراء والمثقفين وكانت تلقى في المناسبات العامة والخاصة القصائد الشعرية من بعض الشعراء المعروفين بالمنطقة أمثال شاعر الجنوب السيد / محمد بن علي السنوسي والمؤرخ الشاعر / محمد بن أحمد العقيلي (رحمهم الله جميعاً) . أما ما يخص بعد النظر في قراءة المستقبل وخاصة الناحية التنموية والعمرانية لمنطقة جازان وبالذات مدينة جيزان فقد وجه معالي الأمير / خالد السديري (رحمه الله) بإقامة مستشفى جازان العام بالناحية الشرقية من المدينة والتي كانت تعرف بأرض السبخه وكان معاليه يعلم من بعده نظره أن تلك الناحية هي المنطقة الصالحة للبناء والعمران عوضاً عن موقع المدينة القديم الذي يتعرض للإنهيارات والتصدع بفعل طبيعة المنطقة الطبوغرافية حيث أن المدينة القديمة واقعة على جبل من معدن الملح الصخري وقد أثبتت الدراسات فيما بعد أن منطقة السبخة هي المنطقة المناسبة للبناء والعمران وهاهي الآن وقد خططت وشملها التطور والبناء لتصبح أحياء حديثه حول مستشفى جازان العام وهي (حي المطار – حي الروضة الجنوبي – حي الروضة الشمالي – حي الصفا – مطار الملك عبد الله بن عبد العزيز الأقليمي) .

ونظراً لحبه وشغفه بالثقافة والتعليم فقد أزدهر مجال التعليم أبان أمارته لمنطقة جازان حيث كان للتعليم مراحل إنتقاليه من التعليم على أيدي المشائخ والكتاب إلى التعليم الحكومي النظامي وقد أنشأت أول مدرسة إبتدائية حكومية في مدينة جيزان عام 1355هـ كانت تعرف بالمدرسة الأميرية والواقعة ناحية شاطئ البحر غرباً وقد تغير إسم المدرسة إلى المدرسة العزيزية وقد أنتشرت المدارس الحكومية في باقي المحافظات والمراكز بالمنطقة وقد كان من الطلبة الدارسين بالمدرسة الأميرية بمدينة جيزان نجليه أصحاب المعالي فهد وتركي بن خالد السديري أطال الله في عمرهم , وقد كان لأبناء منطقة جازان السبق في مجال طلب العلم عن بعض مناطق المملكة بتلقي العلوم على أيدي علماء اليمن في صنعاء وزبيد وبيت الفقيه وعدن وتلاه ذلك مدارس الشيخ العلامة / عبد الله القرعاوي والذي قدم إلى منطقة جازان في عام 1358هـ وقام بنشر التعليم في مجال العلوم الشرعية بنواحي المنطقة . وقد شمل التعليم الرجال والنساء وبالأخص عندما أنشأت المدارس الحكومية في المنطقة حيث مع بدايات التعليم الأولى كن النساء يدرسن جنباً إلى جنب مع الشباب في المدارس الإبتدائية وتعتبر كسابقة لأبناء المنطقة في مجال التعليم المختلط , ومن أمثال الدارسات من البنات مع الذكور من أبناء بعض الأعيان والتجار في مدينة جيزان ومنهم من بنات الشيخ /حمد البسام ومن بنات الشيخ/عبد القادر علاقي رئيس بلدية منطقة جازان سابقاً ومن بنات الشيخ / عبده عزي الصائغ من أعيان مدينة جيزان وأخريات من بنات المنطقة وبعض الجاليات المصرية والفلسطينية أما فيما يخص مجال الإصلاح وتوطين أمن البلاد بناحية منطقة جازان فقد ذكر والدي أطال الله في عمره في سيرته أنه تمكن من القضاء على المشاكل القبلية بناحية منطقة الريث وذلك في عام 61هـ وهو الريث الأول , أما الريث الثاني فقد كانت في عام 1375هـ , ولقد شارك والدي / محيميد بن هادي في كلا الحملتين كمحارب

وفيما يخص مجال الإصلاح بين القبائل فقد ذكر والدي أنه وقع خلاف ما بين قبيلة آل شراحيل السعودية بناحية منطقة الحرث وقبيلة يمنية تدعى آل وقيس مجاورة وكان النزاع على المناطق الحدودية السعودية اليمنية . وقد كلف معالي الأمير خالد السديري (رحمه الله) من قبل جلالة الملك / عبد العزيز طيب الله ثراه بالإصلاح بين القبيلتين المتنازعتين حيث مكث بتلك المنطقة الحدودية ما يقارب خمسة عشر يوماً وبحنكته السياسية والإدارية استطاع إنهاء ذلك النزاع القبلي الحدودي بالصلح بين أطراف النزاع وقد تطلب الأمر إرسال برقية عاجلة لجلالة الملك / عبد العزيز من موقع الحدث ما يفيد عن ذلك الأمر , وكان الطريق من منطقة الحرث إلى مدينة جيزان طريقاً شاقاً ووعر المسلك وسالكه عرضه لكثير من المخاطر والمهالك وقد عرف الأمير خالد مدى أهمية البرقية لتصل إلى مدينة جيزان لترسل إلى جلالة الملك / عبد العزيز ولم تكن هناك وسيلة للنقل سوى الحمير أو البغال أو الجمال وقد تحدث إلى رفاقه وكان ذلك في منتصف الليل وقد هاب الموقف بعض الرجال من مرافقيه ما عدا ذلك الرجل والدي الذي نطق بعد أن أوجم الجميع بإستعداده بحمل البرقية إلى مدينة جيزان لتصل في الصباح الباكر وقد قدر الأمير له هذا الموقف الشجاع وكان يخصه شخصياً بالكثير من المهام بقدر ثقته بوالدي وقد كان والدي من أكثر المقربين له ويخصه بكثير من الأسرار والتي يحتفظ بها والدي لنفسه . وعندما أنتقل الأمير / خالد أميراً في الظهران كان والدي من ضمن رفاقه وقد ضحى بزوجته حيث طلقها لتعود لأهلها بناحية الجبال بالمنطقة , وكان والدي / محيميد بن هادي وفياً ومخلصاً لرفيق حله وترحاله ولم تغريه كل المغريات المادية أو المعنوية سواء منها في جازان أو الظهران . وعندما ذهب الأمير خالد إلى الرياض ليشغل منصبه كمستشار في شعبة مستشاري جلالة الملك / عبد العزيز طيب الله ثراه . رافقه والدي إلى الرياض على الرغم من العرض المغري الذي قدم له بالظهران من معالي أميرها آنذاك الأمير / عبد المحسن بن جلوي عن طريق رئيس أخوياءه وقد رفض والدي ذلك العرض وفاءاً لرفيق دربه معالي الأمير / خالد السديري (رحمه الله) وقد مكث بمدينة الرياض بقصر الضيافة  ما يقارب الشهر وقد رأى والدي عودته إلى منطقة جازان كي لا يشكل عبئاً إضافياً على الأمير وأستأذنه في العودة إلى جازان . وزوده بخطاب شخصي لأخيه معالي الأمير / محمد بن أحمد السديري (رحمه الله) حيث كان أميراً لمنطقة جازان يوصي فيه أخيه بهذا الرفيق الأمين المخلص ليظل يرافق آل السديري في جازان . وقد لازم والدي / محيميد بن هادي من الأمراء من آل السديري وغيرهم في أمارة منطقة جازان كلاً من :

1.   الأمير / عبد الله بن عقيل                              1354هـ

2.   الأمير محمد بن عبد العزيز الماضي ونائبه محمد الحمد الماضي 1358هـ

3.   الأمير / خالد بن أحمد السديري                   1359هـ

4.   الأمير / محمد بن أحمد السديري                  1364هـ

5.   الأمير / مساعد بن أحمد السديري                1367هـ

6.   الأمير/ سليمان بن جبرين                             1372هـ

7.   الأمير / تركي بن أحمد السديري                  1376هـ

8.   الأمير / محمد بن تركي بن أحمد  السديري   1398هـ

حيث بدأت حياته الوظيفية بأمارة منطقة جازان مع أميرها عبد الله بن عقيل     (رحمه الله) ولهذا الرجل الكريم موقف كريم مع والدي فترة شبابه لا ينساه والدي منه وقد ذكر لي هذا الموقف ولأحد أحفاده . ولعل من الطالع الحسن أن والدي لا يزال على قيد الحياة إلى تاريخه يروي أحداثاً تاريخية كشاهد عيان على كثير من تلك الأحداث والمواقف , وقد حفظ بفطرته تلك الأحداث بالذاكرة كونه لا يجيد القراءة والكتابة , علاوة على حفظه الكثير من  الأشعار والقصائد الشعرية لبعض شعراء المنطقة وكذا بعض قصائد معالي الأمير / محمد بن أحمد السديري (رحمه الله) وقد زاره في منزله بمدينة  جيزان ابنه / سلطان بن محمد بن أحمد السديري وأستمع منه لبعض الأحداث والأشعار عن والده . وقد روى والدي الكثير من الأحداث والمواقف لمعالي الأمير / محمد بن تركي السديري أبان فترة أمارته لمنطقة جازان بقصره أو بمزرعته الواقعة على طريق جيزان – صبيا فيما يخص أسرة آل السديري أو ما يخص بعض الأحداث بالمنطقة أو ما يخص منطقة جازان وقبائلها وأسرها المعروفة . ومن المواقف الكريمة والنبيلة في سيرة الأمير خالد التي كان يقدمها لأبناء منطقة جازان صغيرها وكبيرها تجارها وفقراءها . الموقف الكريم مع أحد تجار جازان بجزيرة فرسان ويدعى الشيخ / إبراهيم النجدي وهذا الرجل من أبناء منطقة نجد وقد أستوطن في منطقة جيزان وبالتحديد في جزيرة فرسان وكان يعمل في تجارة صيد الأسماك وإستخراج اللؤلؤ وقد إمتدت تجارته إلى الهند وأوربا وبعض البلدان العربية والأفريقية عن طريق سفنه التي كانت تحمل تجارته إلى تلك البلدان من اللؤلؤ وتعود إليه محمله بالبضائع من الأرزاق والقماش كانت لتجارة هذا الرجل وثروته الكبيرة أن يلتف الكثير من الأعوان والمناصرين إلى جانب الحاسدين له . وقد أوشى عن ذلك التاجر الشيخ / إبراهيم النجدي لدى جلالة الملك عبد العزيز ويتطلب الأمر إحضار ذلك التاجر , وتشاء الأقدار أن يكون والدي / محيميد بن هادي هو الشخص المكلف بإحضاره من جزيرة فرسان إلى قصر الأمارة بمدينة جيزان حيث كان يستخدم للسفر إلى جزيرة فرسان المراكب الشراعية المدفوعة بالتيارات الهوائية في الاتجاه المطلوب , وبعد حضوره تفضل والدي بمقابلة الأمير وأوضح حقيقة ذلك التاجر لدى الأمير على غير ما ذكر عنه حساده بعد أن رآه وعايشه فترة أقامته بالجزيرة في ضيافته . وكان أمير جزيرة فرسان آنذاك الشيخ / حمد القصيبي (رحمه الله)  وقد أجتمع معالي الأمير / خالد السديري بالتاجر النجدي بعد إحضاره من جزيرة فرسان وعلم منه الأمير الكريم حقيقة أمره وقد أغدق عليه من حسن الضيافة بل زاده كرماً بتزويده بخطاب شخصي يحمله شخصياً إلى جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه يوصي له بالعناية والأمان هذه الرواية ذكرها لي والدي أثناء سرده لبعض المواقف الكريمة عن معالي الأمير / خالد السديري , وقد سمعت الرواية أيضاً من أحد أبناء الشيخ النجدي حيث لا يزال يعيش في جزيرة فرسان أبناء النجدي وأحفاده وذلك عندما زرت الجزيرة أثناء مهرجان أسماك الحريد السنوي لعام 1428هـ , حيث أديت صلاة المغرب بمسجد النجدي المعروف بجزيرة فرسان وصادف أن قابلت أحد أبناء الشيخ بالمسجد وهذا ما يؤكد صحة الرواية وقد أضاف ابن النجدي أن والده عندما غادر متجهاً لمقابلة جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله وهو يحمل خطاب الأمير خالد حصل على كرم الضيافة والمزايا من لدن جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه و منحه أمراً ملكي عبارة عن وثيقة خطيه تعفى تجارة الشيخ النجدي من بعض الرسوم المفروضة لدى مالية جازان وكانت تلك المكرمة يعود الفضل الأول فيها بعد الله عز وجل إلى الأمير / خالد الذي زود الشيخ النجدي بخطاب تعريفي كواحد من أبناء منطقة جازان الذين شملهم العطف والكرم السديري المعهود .

كما شمل وده أبناء منطقة جازان وأعيانها وتجارها أمثال الشيخ / عقيل بن أحمد والشيخ / عمر هاشم والشيخ / حمد السليمان البسام والشيخ / محمد السليمان البسام والشيخ / عبد الله المحمد البسام والشيخ العلامة / أحمد الحازمي رحمهم الله جميعاً . وفي ذكر أسرة آل البسام التي تعود إلى مدينة عنيزة بالقصيم والتي ذكرها المؤرخ / أمين الريحاني في كتابه ملوك العرب أسرة مشهورة بالتجارة ومن أبناءها وأحفادها من ساهم في رفعة هذا الوطن الغالي ولعل تركيزي على أسرة آل البسام ما سمعته عنهم عن والدي / محيميد بن هادي .  وهذا سرد بسيط عن سيرة المغفور له معالي الأمير / خالد السديري مما سمعته عن والدي والذي الآن ذاكرته أصبحت تخونه في كثير من الأمور والأحداث بسبب كبر سنه .

م/ محمد بن محيميد بن هادي

مدير عام فرع البنك الزراعي بمنطقة جازان

 

الأمير الشاعر خالد السديري ومشوار

حياة حافلة بالعطاء لبلاده ومليكه ووطنه

قاد حملة الريث بتكليف من الملك عبد العزيز ونجح فيها ، نعرض اليوم لحياة واحد من هؤلاء الرجال المخلصين لله وللمليك وللوطن هؤلاء الرواد الأوائل الذين خاضوا أشرف المعارك بجوار الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وهو يبذل قصارى جهده لتوحيد أواصر هذه المملكة الفتية الأمير خالد السديري أمير منطقة نجران السابق يرحمه الله واحداً من هؤلاء الرجال البواسل الذين إستطاعوا أن يسطروا بأحرف من نور تلك المواقف الخالدة الرائعة فى سجل بلادهم العزيزة . بهذه الصفحات نلقى بعض الأضواء على شخصية هذا القائد الأمير ونطوف مع أبنائه وأصدقائه ومن عايشه رحلة حياته التى بدأت مبكراً مع قائد مسيرة هذه البلاد الملك عبد العزيز رحمه الله .

عبد الله على المليص

المصدر : جريدة البلاد العدد 9396 السبت 15 رجب 1410هـ الموافق 10 فبراير 1990م