المقالات التى كتبت عنه

فى جائزته بعد وفاته فى تخليده مقابلات صحفية

فى تخليده

التطور العلمي

بقلم صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبد العزيز

لقد إنتظرت قليلاً حتى تنتهي الكلمات التي قيلت .. الكلمات الكثيرة عن المرحوم خالد الأحمد السديري التي قيلت في مناسبة الإحتفال بجائزة خالد السديري لأجل أن تنتهي الضجة التي كانت أثناء الإحتفال بتلك الجائزة في مدينة الغاط في منطقة الرياض ، وحسب ما إتضح لي أن هذه الجائزة كانت سابقاً فى منطقة نجران ، ثم نقلت إلى منطقة الرياض في مدينة الغاط . أليس المرحوم خالد السديري يستحق أن يحتفل به في المنطقتين ، أليس للمرحوم خالد السديري حق على مدينة نجران ومنطقة نجران مثلما له حق أيضاً على منطقة الرياض وعلى مدينة الغاط ، أنفرق بالإحتفال بالأشخاص الذين يستحقون الإحتفال من مدينة إلى مدينة ، أليس لهم حق في كل المدن لما عملوه لهذه البلاد وأهلها ، أليس من الحق أن يحتفل بالتفوق العلمي في كلا المنطقتين . التفوق العلمي ألا يستحق أن يحتفل به هنا وهناك ، إن الإحتفال بالمرحوم خالد السديري وبالتفوق العلمي ليستحق هذا وأكثر من هذا . وأنا أتحدث عن المرحوم خالد السديري ليس لأنني أعلم عنه الكثير فلم أعاصره معاصرة كثيرة إلا عندما كان هذا الرجل يعمل مع المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز . كان الملك فيصل رحمة الله عليه يثق في المرحوم خالد السديري ثقة كبيرة وكان يضع فيه كل ما يعتقد أن هناك من ينفذ ما هو يراد منه لخدمة أمن وإستقرار هذه البلاد . وعندما كانت توجد حوادث في اليمن أثناء تلك الأيام كلفه المرحوم الملك فيصل بمهام للعمل لإستتباب الأمن والإستقرار في اليمن كما كان يريد أن يستقر ذلك البلد وأن يبدأ بالنهضة الي يستفيد منها اليمن وأهل اليمن .. كان هذا هو غرض الملك فيصل بن عبد العزيز رحمة الله عليه ، كان هذا غرضه من اليمن أن يكون مستقراً آمناً بناء لأهله لذلك كان يكافح أي من كان يريد أن يخرب اليمن وكانت هذه رسالته وكان يعلم أن الشخصيات من أمثال المرحوم خالد السديري كفيلة بتنفيذ تلك السياسة . أذكر منه موقفاً عندما ذهبنا مع الملك فيصل لزيارة منطقة عسير في يوم مشهود إختاره القائد الملك فيصل ، إختار أن يقام إستعراض لقبائل عسير فبدأ الإستعراض لهذه القبائل من أمام ذلك القائد وهم يسيرون مجموعات كل مجموعة تمثل فئة من فئات تلك القبائل وكان يقف بجانبي المرحوم خالد السديري كان يصف لي كل قبيلة ويصف لي بمعرفة قوية كل قبيلة وأفرادها كان يقول عن هذه القبيلة وعن تلك من مجموعة هذه القبائل التى لم أرى أروع من ذلك الإستعراض وأنا لم أكن قد رأيت قبائل عسير من قبل ذلك اليوم ورأيت العظمة ورأيت الرجال ورأيت الأبطال ، رأيت الرجال بأزياء مختلفة ويتفقون في شيء واحد الرجولة والإقدام والإيمان والإخلاص لقائد البلد وللبلد نفسها . وإخلاص قبائل عسير لهذه البلاد ولآل سعود من أول ما بدأ آل سعود بتوحيد هذه البلاد ، من أول ما بدأ آل سعود من الدرعية عندما بدأ التوحيد حتى عندما إنتكس ذلك في يوم من الأيام كان إخلاص أهل عسير وقبائل أهل عسير مثالاً يمتثل به بالإخلاص – عن طريق آل سعود – لهذه البلاد وأبنائها وللأمة وأبنائها . كان المرحوم خالد السديري عالماً بتلك القبائل وكان بذلك موضع ثقة فيصل بن عبد العزيز رحمة الله عليه .

فعندما أتصور أنا هذه الناحية وعندما أتصور أن يكون الإحتفال بالتفوق العلمي .. التفوق العلمي هو التفوق العظيم الذي أوجدته قيادة هذه البلاد من أيام الملك عبد العزيز رحمة الله عليه بل إن الملك عبد العزيز عندما بدأ يطور هذه البلاد بدأ يطور الفرد السعودي وتطوير الفرد السعودي هو أكبر تطوير وجد وأوجدته القيادة العربية السعودية التي أوجدت الوحدة والتي أوجدت التطور ، والتطور هو ليس فقط في المباني والشوارع والطرق ، التطور في الفرد وتطور الفرد هو التطور الذي إتجهت إليه قيادة هذه البلاد وبدأ التطور ينتقل من مرحلة إلى مرحلة إلى أن وصلنا الآن إلى تطور ممتاز ومتقدم ولا نزال نتقدم في تطور الفرد ولكن الفرد يحتاج إلى العمل ويحتاج إلى الإنشاء ويحتاج إلى المعاضدة ويحتاج إلى تبادل الراي لكي نستفيد من هذا الفرد لتكوين وضعنا في أمتنا وفي الأمم التي تحيط بنا أو في الأمم التي نتعاون معها خارج محيطنا كيف نستفيد من فردنا وكيف نسير مع هؤلاء الأفراد الذين تطوروا لتطوير بلدهم من الناحية العملية من ناحية الإنتاج ومن ناحية الإقتصاد ومن تكوين السياسة القائمة القويمة التي تقوم على التبادل وعلى تبادل الرأي وعلى الحوار وعلى النقاش في مجتمعنا وفي أمتنا ، إن التطور الذي قام به الملك عبد العزيز رحمة الله عليه قام بالحوار وقام بتبادل الرأي وقام بالتمسك بالعقيدة الإسلامية وإستفاد التطور من الكفاءات ، الكفاءات العظيمة التي موجودة في مناطق أخرى من العالم مهما كانت عقائدها لكن غايتنا هو التطور ولذلك أخذنا التطور ولم نأخذ العقائد وتمسكنا بأخلاقنا وتمسكنا بعاداتنا التي كان يتمسك بها الملك عبد العزيز رحمة الله عليه المنشىء .. الملك الذي أنشأ الحضارة والذي أنشأ التطور ، وهو الذي أوجد هذه البلاد أوجدها وأرسى قواعدها بما هي فيه الآن بالحوار والنقاش بالإستفادة من الكفاءات سواء كانت كفاءات داخلية أو كفاءات خارجية ، بهذا الأسلوب صار التطور وصارت النهضة ووصلنا ولكن لا نزال إلى الآن نحتاج إلى الإستفادة ممن تطوروا الإستفادة منهم في إقامة بلدهم وللعمل لبلدهم وللسهر على مصلحة بلدهم ، التفوق العلمي يعني هو أن يتفوق الإنسان بعلمه ويلقب هذا التفوق إلى إنتاج وعمل يستفيد منه هو وتستفيد منه الأمة وأبناؤها هذا هو التطور وهذا هو الإنجاز وهذه هي المكانة التي يمثلها الإحتفال بجائزة التفوق العلمي للأمير خالد الأحمد السديري رحمة الله عليه .

المصدر : جريدة الرياض

 

 

"أرحبو"

كلمة يطرب لها السامع وترتاح لها النفس وذات معانى محمودة قوبل بها ضيوف جائزة الأمير خالد بن أحمد السديري للتفوق العلمي ، والتى دارت أحداثها من مساء يوم الأربعاء 5/ ذو القعدة إلى مساء يوم الجمعة 7/ ذو القعدة 1415هـ ، فمنذ لحظة الوصول .. إبتسمت بها الثغور .. و إرتسمت على كل محيا .. وإتسمت بها كل معاملة فتحولت سريعاً من مشاعر وأحاسيس إلى عمل وواقع تعمقت في وجدانى وتأثرت بها شخصياً لما لقيناه من طيب نفس وجميل معشر وحسن ضيافة تجسدت فى تكريم المضيف للضيف وحب المقيم للوافد وقد أحسن ترجمتها نيابة عن نجران وأهلها أميرها فهد بن خالد السديري . كان هدف اللقاء هو تكريم المخلصين من رجالات هذه البلاد الأوفياء أمثال الأمير خالد بن أحمد السديري وقد تجسد هذا فى تكريم المتفوقين علماً من أبناء المنطقة بجائزة تحمل إسمه ، وقد أعجبنا وفاء أهل المنطقة لذكرى خالد العطرة الذي قضى عمره متفانياً في خدمة دينه ومليكه وبلاده من خلال أدائه لمسئولياته وكان آخرها خدمته لمنطقة نجران ومواطنيها . أيام ثلاث عبقت بكل ما هو جميل أعطى الضيوف خلالها وبقالب مريح ومحبب إلى النفس جرعات مركزة من المعلومات ، فمن خلال الزيارات المكثفة والمنسقة أمكن التعرف على الكثير من جوانب نجران أهلها وطبيعتها وإمكاناتها التى تبشر بالخير إن شاء الله . فما أجمل صدى ترحاب الرزافة على جبال هداده ولا أبلغ من التعبير بالأكف التى ترفع ترحيباً على الطرقات المارة بنا على جبونا . ولهذا فإن الكلمات تعجز عن التعبير عما تختلج به الصدور من التقدير والإعجاب سوى شكرنا ودعائنا للمضيف بالتوفيق ولنجران وأهلها بالمزيد من التقدم والإزدهار ولخالد بالمغفرة وحسن الثواب .

فيصل بن عبد الرحمن السديري

 

نماذج من رجال أشرقت بهم الحياة

بالأمس أقيم حفل جائزة الأمير خالد الأحمد السديري في الغاط هذه الجائزة التي تخلد ذكرى هذا العلم البارز الذي خدم بلاده في أحلك الظروف وساهم بفكره وبصيرته في إستتباب الأمن والسكينة فى المملكة العربية السعودية . كان رحمه الله حكيماً متفرداً بخصاله الحميدة في عصره . عايشته في قمة مجده فكان متواضعاً رحيماً يختلط بالناس في الأسواق العامة يتحسس شكاويهم يهتم بشؤونهم يحن على الفقراء فيساعدهم ويفتح لهم أبواب العمل ويهيئ لهم سبل الحياة الكريمة . كان حازماً رحمه الله لا تأخذه فى الحق لومة لائم يجوب الصحاري والقفار الموحشة يتحسس في ربوع البادية عن أم ثكلى أو أطفال يتامى إنقطعت بهم السبل فكان يجلب لهم المؤن ويحفر لهم الآبار ويوصل لهم الخدمات الأساسية .. رجل سار على دروب الخير في سنين حياته فأقام العدل ونهض بمنطقة نجران فشق فيها الطرق وأوصل الكهرباء فتحولت القرى في عهده إلى مدن تنبض بالحياة وساهم فى الرقي بالتعليم فعمت المدارس القرى والهجر والأرياف وذلل الصعاب فأصبحت نجران في عهده درة الجنوب . كما أسس قاعدة إقتصادية متينة لأهلها في عهده فنهضت الزراعة نهضة فاقت جميع التصورات وساهم رحمه الله مساهمة فعالة فى تكوين هيئة إقتصادية تعنى بالصناعة والزراعة والسياحة وجاهد جهاد الأبطال في صد المعتدين كما وقف بحزم ضد تيارات سياسية عقائدية فبدد أهدافها ودحر تنظيماتها وفرق شملها بحكمته المعهودة وفكره المستنير وتصميمه الفريد .

كان حاكماً فذاً وراعياً مخلصاً لمجتمع بادله حباً بحب ووفاءً بوفاء ، غرس في كل بيت في منطقة نجران بذور العلم والمعرفة فتشكل في نفوس أهلها ولاء منقطع النظير للأسرة الحاكمة فكان التناغم بين الحاكم والمحكوم في أزهى صوره وترجم هذا الإحساس في قيام مواطني نجران بالمساهمة في الذود عن الديار مع كل هزة تحدث على الحدود فكانوا يهبون زرافات ووحدانا وبسلاحهم الشخصي لينخرطوا في صوف رجال الأمن يحملون أرواحهم على أكفهم في شجاعة نادرة وإقدام منقطع النظير وإستمال بحكمته ورويته وبعد نظره القبائل اليمنية الواقعة على الشريط الحدودي وهي قبائل تشاركنا روح الإخاء والمحبة والقيم والتقاليد ففتح لهم المجال للنشاط الإقتصادي داخل المنطقة وسمح لهم في تصدير المنتجات الوطنية والمواد الإستهلاكية ومشتقات البترول إلى بلادهم دون قيود أو شروط فكانت هذه القبائل خير عون للملكة تحفظ للجوار حقه وترفض أن تستخدم أراضيها منطلقاً لمخرب أو مهرب للعبث بأمن المملكة . هذه كانت سياسة خالد السديري وبالطبع كان ذلك بتوجيه ومباركة من قادة المملكة الأفذاذ الذين إختاروا الرجال المحنكين الأوفياء في الثغور وعلى أطراف الحدود ليحفظوها من كيد المعتدين وأطماع الطامعين . رحمك الله يا خالد وخلدك في جنات النعيم .

مبارك محمد المطلقه

5/3/1428هـ الموافق 24/3/2007م

 

وسميات

بقلم : راشد الحمدان

منتدى خالد السديري

في حياتنا رجال يجب أن يبقوا في الأذهان ، ويجب أن يكونوا من الروايات الحميدة في تاريخنا الحديث . يجب أن يكونوا محل فخر وإعتزاز ... إننا ننسى كثيراً من صفحات تاريخنا إذا ما أهملنا مثل هؤلاء الرجال . وخالد السديري .. واحد من هؤلاء النادرين .. ولو عايشتموه عن كثب لعرفتم كيف كان خالد السديري يستحق البقاء فى الأذهان .. فالرجل لواء حرب وجد في زمان كانت البلابل تعصف بالفكر العربي المراهق حيث الشعارات الزائفة والخطب الرنانة وإستئجار الحناجر في الإذاعات .. والأقلام في الصحف .. ولم تسلم هذه البلاد من شراسة ذلك الزمان .. والراكضين في دروبه الهوجاء رغم الموقف المعتدل . والراكد لهذه الدولة وقادتها .. فكان خالد وأخوه محمد سيفين مسلطين في جنوب المملكة أناخا رؤوس البغي والإعتداء .. هذا إلى جانب خدمات سابقة معظمها في ميادين الحرب . والتصدي للعصيان الجاهل والإدارة ومواجهة الصعاب . وقد قام أبناء خالد رحمه الله بعد وفاته بمحاولة لإبقائه في أذهان الأجيال القادمة . فأنشأوا بعد موافقة الدولة جائزته العلمية والأدبية . وتولى ذلك كبير أبنائه معالي الأمير فهد بن خالد السديري الذي حرص على أن تتطور هذه الجائزة وأن يكون فيها تشجيع ودفع لطلبة العلم المبرزين .. وكان أول ظهورها في نجران حيث كان خالد رحمه الله يقود المعارك أمام المعتدين آنذاك ، ولأن إبنه الأمير فهد خلفه في إدارة المنطقة بعد وفاته . فقد نشأت الجائزة هناك . ثم رأوا أن تنتقل إلى مسقط رأسه فكان رأياً صائباً لأنها ستخدم منطقة هي منطقة الإنتماء المبتدئ .. فكان لها تأثيرها الكبير ونفعها الشامل . وترأس إحتفالاتها المتكررة عد من الأمراء الفعالين . لمعرفتهم بمكانة خالد رحمه الله وتضحياته العديدة من أجل هذه البلاد وقادتها الكرام .  وبالأمس تكريم الأمير فهد بن سلطان بترؤس حفل الجائزة في محافظة الغاط .. مسقط وجود "السدارى" .. وكما كانت من قبل فقد كان لها تأثيرها النافع لأبناء الغاط والزلفي والمجمعة وسدير وما حولها . بقي أن أقول .. حبذا لو أنشئ منتدى أدبي يحمل إسم الراحل الكريم في المنطقة نفسها يخدم الفكر والأدب فيها ويجمع أبناءها في حفلات أدبية دورية . تجعلنا فعلاً نقدم لخالد السديري رحمه الله شيئاً ولو بسيطاً مما قدمه لنا ولبلادنا ..

جريدة الجزيرة السبت 16محرم 1423هـ 30من مارس آذار2002م

 

حـــرب اليمـن

لقد انتقل الأمير خالد السديري لجوار ربه قبل أكثر من ربع قرن ويطيب لي أن أكتب عن دوره في أحداث حرب اليمن عندما كان مسئولاً في نجران من خلال معرفتي وأهتمامي وقربي من موقع الحدث .

لقد كانت حرب اليمن فترة عصيبة من تاريخ نجران بشكل خاص الذي ينعكس على تاريخ المملكة بشكل عام ولأنني من المعاصرين لتلك الفترة رغم حداثة سني منذ بداية الثورة اليمنية وحتى نهاية الأحداث وإعتراف المملكة بالجمهورية اليمنية فأحب أن أذكر الأتي :

أولاً : ثورة 26 سبتمبر 62 لم تكن الأولى على أسرة حميد الدين بل سبقها عدة محاولات للإطاحة  بهذه الأسرة ولكنها فشلت .

ثانياً : ثورة 62 سبق لها الإعداد والتخطيط من قبل القيادة المصرية في فترة توهجها في عهد عبد الناصر صحيح أنها قامت بأيادي يمنية لكن الدعم المعنوي والمادي والعسكري كان مصرياً بدليل حضور القوات المصرية بعد الثورة بوقت قصير .

ثالثاً : الثورة في اليمن بالنسبة لجمال عبد الناصر لم تكن إلا البداية لأن أحلامه كانت أبعد بكثير من الثورة اليمنية كان الهدف هو أكبر وذلك إتضح فيما بعد حيث كان الهدف هو نشر المد الثوري للجزيرة العربية وشمالها من خلال اليمن .

ومن هنا تأتي أهمية ما حدث في نجران لأن نجران كانت المنطقة المتاخمة لليمن والتي ترتبط بحدود برية طويلة منها ما هو صحراوي ومنها ما هو جبلي ولذلك كان التركيز قوياً من قبل الجيوش المصرية على هذه المنطقة جوياً وبرياً لفتح ثغره على الحدود السعودية  . ومن هنا أدرك الأمير فيصل ( الملك لاحقاً ) رحمه الله هذه الخطة وبذلك أصبحت نجران في قلب الحدث بين زعيمين عربيين فيصل ببعده الإسلامي وعبد الناصر ببعده القومي .

لقد قصرت الحديث المطول حتى أعطي فكره عن أهمية نجران وما حدث فيها والرجال الذين أنتدبوا لهذه المهمة المصيرية والهامة فيما يخص إستقرار الأوضاع في ذلك الجزء الحساس . فإذا عرفنا أن الملك فيصل إنتصر في النهاية على جمال عبد الناصر بخروج القوات المصرية من اليمن وحرمانه من بلوغ أهدافه التي كما ذكرنا كانت تتعدى حدود اليمن فلابد لنا أن نتعرف على الرجل الذي أنتدب لهذه المهمة في نجران وهو بلا شك رجل الساعة آنذاك الأمير خالد السديري الذي جاء مشرفاً على إمارة نجران بعد الثورة مباشرة وكلمة مشرف تعني أشياء كثيرة فهو لم يكن أميراً للمنطقة وحسب بل أعطي صلاحيات واسعة سواء من الناحية العسكرية والأمنية أو من ناحية الشئون الداخلية . وقد لعب الرجل دوره بإتقان منقطع النظير . إستطاع من خلال تنفيذ توجيهات رؤساءه المتمثلة بدعم القوه الملكية المرتكزة على القبائل اليمنية ضد القوات المصرية الغازية , وبسبب فهمه للعقلية اليمنية القبلية عزز مفهوم أن ترى هذه القبائل في القوات المصرية أنها قوات غازية هدفها إحتلال اليمن وليس مساعدته وإستخدامه كوسيلة لنشر مده الثوري لدول الجزيرة العربية وبالذات المملكة . وكنا نرى كيف أن بعض أفراد القبائل اليمنية يتوافدون بالآلاف على نجران للحصول على التموين في سلم اجتماعي مدهش والإنطلاق لمحاربة الجيش المصري على الجهة المحاذية لنجران مثل الجوف وصرواح والخارد حتى حدود بلاد سحار وهمدان المحاذية لنجران في منطقة صعده . لقد كانت القوه الملكية القائمة على القوى القبلية تنظر لهذه القوات كقوات غازية تختلف معهم في كل شيء من حيث العادات والتقاليد والممارسات التي ينظرون لها بعين الريبة . وأصبحت القوى المصرية لقمه سائغه لهم . نعود فنقول أن تلك المرحلة كانت مرحلة حاسمة للمملكة في مواجهة المد الناصري وقد تم التعامل معها بإستخدام جميع الوسائل السياسية والتكتيكية المتاحة في ذلك العصر وتم من خلالها تحقيق الإنتصار في داخل اليمن دون أن يشترك جندي سعودي واحد وقد أدى المفوض بإدارة هذه المواجهة في ساحة نجران الأمير خالد السديري دوراً رئيسياً ومشرفاً وهذه حقيقة ما جرى من شاهد على المرحلة .

 العقيد متقاعد / علي آل مستنير

09 / ربيع الأول / 1428هـ