المقالات التى كتبت عنه

فى جائزته

بعد وفاته

فى تخليده

مقابلات صحفية

[ فى تخليده ]

التطور العلمي

بقلم صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن عبد العزيز

لقد إنتظرت قليلاً حتى تنتهي الكلمات التي قيلت .. الكلمات الكثيرة عن المرحوم خالد الأحمد السديري التي قيلت في مناسبة الإحتفال بجائزة خالد السديري لأجل أن تنتهي الضجة التي كانت أثناء الإحتفال بتلك الجائزة في مدينة الغاط في منطقة الرياض ، وحسب ما إتضح لي أن هذه الجائزة كانت سابقاً فى منطقة نجران ، ثم نقلت إلى منطقة الرياض في مدينة الغاط . أليس المرحوم خالد السديري يستحق أن يحتفل به في المنطقتين ، أليس للمرحوم خالد السديري حق على مدينة نجران ومنطقة نجران مثلما له حق أيضاً على منطقة الرياض وعلى مدينة الغاط ، أنفرق بالإحتفال بالأشخاص الذين يستحقون الإحتفال من مدينة إلى مدينة ، أليس لهم حق في كل المدن لما عملوه لهذه البلاد وأهلها ، أليس من الحق أن يحتفل بالتفوق العلمي في كلا المنطقتين . التفوق العلمي ألا يستحق أن يحتفل به هنا وهناك ، إن الإحتفال بالمرحوم خالد السديري وبالتفوق العلمي ليستحق هذا وأكثر من هذا . وأنا أتحدث عن المرحوم خالد السديري ليس لأنني أعلم عنه الكثير فلم أعاصره معاصرة كثيرة إلا عندما كان هذا الرجل يعمل مع المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز . كان الملك فيصل رحمة الله عليه يثق في المرحوم خالد السديري ثقة كبيرة وكان يضع فيه كل ما يعتقد أن هناك من ينفذ ما هو يراد منه لخدمة أمن وإستقرار هذه البلاد . وعندما كانت توجد حوادث في اليمن أثناء تلك الأيام كلفه المرحوم الملك فيصل بمهام للعمل لإستتباب الأمن والإستقرار في اليمن كما كان يريد أن يستقر ذلك البلد وأن يبدأ بالنهضة الي يستفيد منها اليمن وأهل اليمن .. كان هذا هو غرض الملك فيصل بن عبد العزيز رحمة الله عليه ، كان هذا غرضه من اليمن أن يكون مستقراً آمناً بناء لأهله لذلك كان يكافح أي من كان يريد أن يخرب اليمن وكانت هذه رسالته وكان يعلم أن الشخصيات من أمثال المرحوم خالد السديري كفيلة بتنفيذ تلك السياسة . أذكر منه موقفاً عندما ذهبنا مع الملك فيصل لزيارة منطقة عسير في يوم مشهود إختاره القائد الملك فيصل ، إختار أن يقام إستعراض لقبائل عسير فبدأ الإستعراض لهذه القبائل من أمام ذلك القائد وهم يسيرون مجموعات كل مجموعة تمثل فئة من فئات تلك القبائل وكان يقف بجانبي المرحوم خالد السديري كان يصف لي كل قبيلة ويصف لي بمعرفة قوية كل قبيلة وأفرادها كان يقول عن هذه القبيلة وعن تلك من مجموعة هذه القبائل التى لم أرى أروع من ذلك الإستعراض وأنا لم أكن قد رأيت قبائل عسير من قبل ذلك اليوم ورأيت العظمة ورأيت الرجال ورأيت الأبطال ، رأيت الرجال بأزياء مختلفة ويتفقون في شيء واحد الرجولة والإقدام والإيمان والإخلاص لقائد البلد وللبلد نفسها . وإخلاص قبائل عسير لهذه البلاد ولآل سعود من أول ما بدأ آل سعود بتوحيد هذه البلاد ، من أول ما بدأ آل سعود من الدرعية عندما بدأ التوحيد حتى عندما إنتكس ذلك في يوم من الأيام كان إخلاص أهل عسير وقبائل أهل عسير مثالاً يمتثل به بالإخلاص – عن طريق آل سعود – لهذه البلاد وأبنائها وللأمة وأبنائها . كان المرحوم خالد السديري عالماً بتلك القبائل وكان بذلك موضع ثقة فيصل بن عبد العزيز رحمة الله عليه .

فعندما أتصور أنا هذه الناحية وعندما أتصور أن يكون الإحتفال بالتفوق العلمي .. التفوق العلمي هو التفوق العظيم الذي أوجدته قيادة هذه البلاد من أيام الملك عبد العزيز رحمة الله عليه بل إن الملك عبد العزيز عندما بدأ يطور هذه البلاد بدأ يطور الفرد السعودي وتطوير الفرد السعودي هو أكبر تطوير وجد وأوجدته القيادة العربية السعودية التي أوجدت الوحدة والتي أوجدت التطور ، والتطور هو ليس فقط في المباني والشوارع والطرق ، التطور في الفرد وتطور الفرد هو التطور الذي إتجهت إليه قيادة هذه البلاد وبدأ التطور ينتقل من مرحلة إلى مرحلة إلى أن وصلنا الآن إلى تطور ممتاز ومتقدم ولا نزال نتقدم في تطور الفرد ولكن الفرد يحتاج إلى العمل ويحتاج إلى الإنشاء ويحتاج إلى المعاضدة ويحتاج إلى تبادل الراي لكي نستفيد من هذا الفرد لتكوين وضعنا في أمتنا وفي الأمم التي تحيط بنا أو في الأمم التي نتعاون معها خارج محيطنا كيف نستفيد من فردنا وكيف نسير مع هؤلاء الأفراد الذين تطوروا لتطوير بلدهم من الناحية العملية من ناحية الإنتاج ومن ناحية الإقتصاد ومن تكوين السياسة القائمة القويمة التي تقوم على التبادل وعلى تبادل الرأي وعلى الحوار وعلى النقاش في مجتمعنا وفي أمتنا ، إن التطور الذي قام به الملك عبد العزيز رحمة الله عليه قام بالحوار وقام بتبادل الرأي وقام بالتمسك بالعقيدة الإسلامية وإستفاد التطور من الكفاءات ، الكفاءات العظيمة التي موجودة في مناطق أخرى من العالم مهما كانت عقائدها لكن غايتنا هو التطور ولذلك أخذنا التطور ولم نأخذ العقائد وتمسكنا بأخلاقنا وتمسكنا بعاداتنا التي كان يتمسك بها الملك عبد العزيز رحمة الله عليه المنشىء .. الملك الذي أنشأ الحضارة والذي أنشأ التطور ، وهو الذي أوجد هذه البلاد أوجدها وأرسى قواعدها بما هي فيه الآن بالحوار والنقاش بالإستفادة من الكفاءات سواء كانت كفاءات داخلية أو كفاءات خارجية ، بهذا الأسلوب صار التطور وصارت النهضة ووصلنا ولكن لا نزال إلى الآن نحتاج إلى الإستفادة ممن تطوروا الإستفادة منهم في إقامة بلدهم وللعمل لبلدهم وللسهر على مصلحة بلدهم ، التفوق العلمي يعني هو أن يتفوق الإنسان بعلمه ويلقب هذا التفوق إلى إنتاج وعمل يستفيد منه هو وتستفيد منه الأمة وأبناؤها هذا هو التطور وهذا هو الإنجاز وهذه هي المكانة التي يمثلها الإحتفال بجائزة التفوق العلمي للأمير خالد الأحمد السديري رحمة الله عليه .

المصدر : جريدة الرياض

 

مـرحبــاً بحــاكـــم نجـــد

تتشرف محافظة الغاط بزيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وذلك لرعايته الكريمة لعدة محافل فبالأمس رعى سموه حفل توزيع الوحدات السكنية الخيرية التي تكفل بها مشكوراً سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه والمشتملة على سبعين وحدة سكنية بتكلفة عشرين مليون ريال جزاه الله خيراً وجعلها في موازين حسناته . هذا ليس بمستغرب على أمير منطقة الرياض فهو حريص على مشاركة أهالي منطقة الرياض جميع محافلهم وأيضاً زياراته المستمرة لمحافظات المنطقة وتكبده مشقات التنقل لدليل على حرص القيادة الرشيدة بمصالح واحتياجات المواطنين .

وإن إشرافه وتوجيهه الدائم لهيئة السياحة المكلفة بتطوير المنطقة المركزية للبلد القديم للغاط من ترميم البيوت والمساجد والسوق لدليل على اهتمامه بالتاريخ والتراث لكي تتمكن الأجيال القادمة من معرفة تاريخ المنطقة وما كانت عليه وما يحمله الماضي من ذكريات الآباء والأجداد . وإن لرعاية سمو الأمير سلمان اليوم لحفل جائزة الخال الأمير خالد بن أحمد السديري للتفوق العالمي على مستوى محافظات الغاط والمجمعة والزلفي لها الأثر الطيب في نفوس المعلمين والطلبة لأن مثل هذه الجوائز تهدف إلى خلق روح المنافسة الشريفة بين الطلبة والطالبات للتحصيل العالمي , وان هذه الجائزة تحمل اسم شخصية ورمز لكونه يعتبر أحد رجالات المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه الذين بذلوا جل جهدهم في خدمة دينهم ثم مليكهم ووطنهم فقد تقلد معاليه مناصب عديدة وشارك في حروب وتمردات بتوجيهات الملك المؤسس عبد العزيز والملك سعود وفيصل وخالد يرحمهم الله وذلك لإرساء الأمن والأمان والاستقرار .

ولا أنسى فضل الله ثم فضل خالي خالد على عندما كنت أرغب في مواصلة دراستي الجامعية وتشجيعه لي وحثي للسفر ومواصلة تعليمي الجامعي لأنه بذلك الوقت لم تكن الجامعات كما هي اليوم , كان رحمه الله دائماً يحرص على العلم وتعليمه لأنه كان يحب النقاش العلمي الهادف ويحرص على زيارة الأدباء والمثقفين له والحمد لله إذ نرى أبناءه البررة يحملون من العلم والمعرفة ما كان يسره رحمه الله . فمرحباً بصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رائد الإنجازات وراعي نهضة الرياض بين أهله وإخوانه .

 سعد الناصر السديري

  

"أرحبو"

كلمة يطرب لها السامع وترتاح لها النفس وذات معانى محمودة قوبل بها ضيوف جائزة الأمير خالد بن أحمد السديري للتفوق العلمي ، والتى دارت أحداثها من مساء يوم الأربعاء 5/ ذو القعدة إلى مساء يوم الجمعة 7/ ذو القعدة 1415هـ ، فمنذ لحظة الوصول .. إبتسمت بها الثغور .. و إرتسمت على كل محيا .. وإتسمت بها كل معاملة فتحولت سريعاً من مشاعر وأحاسيس إلى عمل وواقع تعمقت في وجدانى وتأثرت بها شخصياً لما لقيناه من طيب نفس وجميل معشر وحسن ضيافة تجسدت فى تكريم المضيف للضيف وحب المقيم للوافد وقد أحسن ترجمتها نيابة عن نجران وأهلها أميرها فهد بن خالد السديري . كان هدف اللقاء هو تكريم المخلصين من رجالات هذه البلاد الأوفياء أمثال الأمير خالد بن أحمد السديري وقد تجسد هذا فى تكريم المتفوقين علماً من أبناء المنطقة بجائزة تحمل إسمه ، وقد أعجبنا وفاء أهل المنطقة لذكرى خالد العطرة الذي قضى عمره متفانياً في خدمة دينه ومليكه وبلاده من خلال أدائه لمسئولياته وكان آخرها خدمته لمنطقة نجران ومواطنيها . أيام ثلاث عبقت بكل ما هو جميل أعطى الضيوف خلالها وبقالب مريح ومحبب إلى النفس جرعات مركزة من المعلومات ، فمن خلال الزيارات المكثفة والمنسقة أمكن التعرف على الكثير من جوانب نجران أهلها وطبيعتها وإمكاناتها التى تبشر بالخير إن شاء الله . فما أجمل صدى ترحاب الرزافة على جبال هداده ولا أبلغ من التعبير بالأكف التى ترفع ترحيباً على الطرقات المارة بنا على جبونا . ولهذا فإن الكلمات تعجز عن التعبير عما تختلج به الصدور من التقدير والإعجاب سوى شكرنا ودعائنا للمضيف بالتوفيق ولنجران وأهلها بالمزيد من التقدم والإزدهار ولخالد بالمغفرة وحسن الثواب .

فيصل بن عبد الرحمن السديري

المصدر جريدة الرياض الثلاثاء 11 ذو القعد 1425هـ الموافق 11/ أبريل/1995م العدد 9787

 

آل سعود والسدارى .. علاقة عضوية ..؟؟

(آل أحمد السديري) من أعرق الأسر العربية وكان (أحمد) الأول صهر الإمام (عبد الرحمن الفيصل) وجد الملك المؤسس (عبد العزيز) ، وأما (أحمد) الثاني فهو صهر الملك (عبد العزيز) وجد (الملك فهد وولي العهد الأمين وأشقائه الميامين) وقد أنجب عدداً من رجالات الحكم الذين نالوا ثقة الملك (عبد العزيز) وعهد إليهم بمناصب قيادية هامة بالدولة أذكر منهم (تركي وعبد العزيز وخالد محمد وعبد الرحمن ومساعد) الذين خدموا دينهم ومليكهم ووطنهم منذ نعومة أظفارهم حتى غابوا عن الحياة مخلفين أحسن المآثر وأعطر الذكريات وأعمق الصداقات بمن عملوا معهم أو عايشوهم في مسؤولياتهم  بمختلف مناطق المملكة .

وتميز الأمير (خالد السديري) بذكائه الحاد وذاكرته القوية ومواهبه المتعددة فهو الإداري وقائد المعركة والشاعر والفارس والمزارع والكاتب والمؤرخ والسياسي حرص في وقت مبكر على تربية وتعليم أبنائه وتوجيههم لمكارم الأخلاق والسير على نهج الآباء والأجداد فكان منهم القيادي والوزير والضابط الكبير ومن أبرزهم الأمير (فهد) الذي شغل عدداً من مناصب الدولة الكبيرة وآخرها (امارة نجران) والتي تقاعد عنها بناءً على طلبه وإلحاح منه وكذا أخيه (تركي) الذي كان وزيراً للدولة ورئيساً للخدمة المدنية ثم أسندت إليه (رئاسة هيئة حقوق الإنسان) . وبادر الأول يؤازر أخوه (تركي) وبقية اخوانه لإحياء ذكرى والدهم والبر به وتخليد مآثره بإنشاء جائزة للتفوق العلمي تحمل إسمه قدمت هداياها لأبناء وبنات (منطقة نجران) على مدى سبع سنوات وقد شرفها كلا من الأميرين (أحمد ومقرن)، ثم نقلت جهودها إلى مسقط رأس صاحبها (الغاط) وبقية محافظات إقليم (سدير) وهاهي في عامها السابع عشر تواصل عطاءاتها الخيرة للطلبة والطالبات المتفوقين من المواطنين والمقيمين على حد سواء بسخاء وأريحية تليق بسجايا من تحمل إسمه ، وقد كان مضرب المثل في الكرم وتشجيع الموهوبين والمبدعين بكل المناطق التي أدار إماراتها لاسيما (جيران) التي كان شاعرها المغردان (محمد العقيلي ومحمد السنوسي) يتباريان في مجلسه العامر بخرائدهما وقصائدهما في المناسبات العامة .

وحظيت الجائزة برعاية كريمة من أبناء الملك (عبد العزيز وأحفاده) بتتويج إحتفالاتها ومشاركة القائمين عليها والفائزين المحتفلين بها وأعضاء لجنتها الفرحة والسرور بما تقدمه سنوياً من جوائز قيمة وهدايا تشجيعية للفائزين والفائزات بها .  وها هو سمو الأمير (سلمان) يكرم خاله وأبناءه للمرة الثانية بالغاط برعايته للجائزة هذا العام يشنف آذان الحضور بحديثه الشيق ويؤكد على المحبة والوفاء اللذين يكنهما أبناء الملك عبد العزيز لأخوالهم (السدارى) الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من الولاء والإخلاص لدينهم وقيادتهم في العسر واليسر والمنشط والمكره وقدموا لوطنهم عصارة أفكارهم وجهودهم وكانوا مثاليين في التعامل مع أبناء الوطن في شتى أصقاعهم .

ولما كان لي شرف عضوية لجنة الجائزة منذ قيامها ولما تربطني ووالدي بالأمير (خالد) وأبنائه الأعزاء من أواصر الصداقة فقد سعدت بمتابعة نشاطاتها ولقاء ضيوفها الأمراء الراعين وهم علي التوالي (سلمان وسطام ونايف ونواف وفهد بن سلطان وخالد الفيصل وسلطان بن محمد وسلطان بن سلمان وأحمد) وفى العام الماضي الدكتور عبد الله العبيد وزير التربية والتعليم  ورأيت العلاقة الحميمة مجسدة بين الأسرتين الماجدتين زادهما الله توفيقاً لما فيه الخير والصلاح .

وهنا يطيب الإستشهاد بقول الشاعر :

فهل ينبت الخطي إلا وشيجه                          ويغرس إلا في منابته النخل ؟

وأختتم بالتذكير .. أن الجائزة بما حققته من ذيوع وإنجاز جديرة بتخصيص وقف إستثماري يصرف من ريعه على مناشطها ويؤمن لها الديمومة والإستمرار لتظل صدقة جارية لصاحبها ولا ريب أن أبناءه البررة قادرون على ذلك بحول الله تعالى .

محمد بن عبد الله الحميد

 جريدة الرياض – العدد 14381 الخميس 27 شوال 1428هـ  الموافق 8 نوفمبر 2007م

 

نماذج من رجال أشرقت بهم الحياة

بالأمس أقيم حفل جائزة الأمير خالد الأحمد السديري في الغاط هذه الجائزة التي تخلد ذكرى هذا العلم البارز الذي خدم بلاده في أحلك الظروف وساهم بفكره وبصيرته في إستتباب الأمن والسكينة فى المملكة العربية السعودية . كان رحمه الله حكيماً متفرداً بخصاله الحميدة في عصره . عايشته في قمة مجده فكان متواضعاً رحيماً يختلط بالناس في الأسواق العامة يتحسس شكاويهم يهتم بشؤونهم يحن على الفقراء فيساعدهم ويفتح لهم أبواب العمل ويهيئ لهم سبل الحياة الكريمة . كان حازماً رحمه الله لا تأخذه فى الحق لومة لائم يجوب الصحاري والقفار الموحشة يتحسس في ربوع البادية عن أم ثكلى أو أطفال يتامى إنقطعت بهم السبل فكان يجلب لهم المؤن ويحفر لهم الآبار ويوصل لهم الخدمات الأساسية .. رجل سار على دروب الخير في سنين حياته فأقام العدل ونهض بمنطقة نجران فشق فيها الطرق وأوصل الكهرباء فتحولت القرى في عهده إلى مدن تنبض بالحياة وساهم فى الرقي بالتعليم فعمت المدارس القرى والهجر والأرياف وذلل الصعاب فأصبحت نجران في عهده درة الجنوب . كما أسس قاعدة إقتصادية متينة لأهلها في عهده فنهضت الزراعة نهضة فاقت جميع التصورات وساهم رحمه الله مساهمة فعالة فى تكوين هيئة إقتصادية تعنى بالصناعة والزراعة والسياحة وجاهد جهاد الأبطال في صد المعتدين كما وقف بحزم ضد تيارات سياسية عقائدية فبدد أهدافها ودحر تنظيماتها وفرق شملها بحكمته المعهودة وفكره المستنير وتصميمه الفريد .

كان حاكماً فذاً وراعياً مخلصاً لمجتمع بادله حباً بحب ووفاءً بوفاء ، غرس في كل بيت في منطقة نجران بذور العلم والمعرفة فتشكل في نفوس أهلها ولاء منقطع النظير للأسرة الحاكمة فكان التناغم بين الحاكم والمحكوم في أزهى صوره وترجم هذا الإحساس في قيام مواطني نجران بالمساهمة في الذود عن الديار مع كل هزة تحدث على الحدود فكانوا يهبون زرافات ووحدانا وبسلاحهم الشخصي لينخرطوا في صفوف رجال الأمن يحملون أرواحهم على أكفهم في شجاعة نادرة وإقدام منقطع النظير وإستمال بحكمته ورويته وبعد نظره القبائل اليمنية الواقعة على الشريط الحدودي وهي قبائل تشاركنا روح الإخاء والمحبة والقيم والتقاليد ففتح لهم المجال للنشاط الإقتصادي داخل المنطقة وسمح لهم في تصدير المنتجات الوطنية والمواد الإستهلاكية ومشتقات البترول إلى بلادهم دون قيود أو شروط فكانت هذه القبائل خير عون للملكة تحفظ للجوار حقه وترفض أن تستخدم أراضيها منطلقاً لمخرب أو مهرب للعبث بأمن المملكة . هذه كانت سياسة خالد السديري وبالطبع كان ذلك بتوجيه ومباركة من قادة المملكة الأفذاذ الذين إختاروا الرجال المحنكين الأوفياء في الثغور وعلى أطراف الحدود ليحفظوها من كيد المعتدين وأطماع الطامعين . رحمك الله يا خالد وخلدك في جنات النعيم .

مبارك محمد المطلقه

5/3/1428هـ الموافق 24/3/2007م

نشر فى جريدة الجزيرة صفحة الرأي بتاريخ 15/ربيع الثانى/1428هـ الموافق 2/5/2007م العدد 12634

 

وسميات

بقلم : راشد الحمدان

منتدى خالد السديري

في حياتنا رجال يجب أن يبقوا في الأذهان ، ويجب أن يكونوا من الروايات الحميدة في تاريخنا الحديث . يجب أن يكونوا محل فخر وإعتزاز ... إننا ننسى كثيراً من صفحات تاريخنا إذا ما أهملنا مثل هؤلاء الرجال . وخالد السديري .. واحد من هؤلاء النادرين .. ولو عايشتموه عن كثب لعرفتم كيف كان خالد السديري يستحق البقاء فى الأذهان .. فالرجل لواء حرب وجد في زمان كانت البلابل تعصف بالفكر العربي المراهق حيث الشعارات الزائفة والخطب الرنانة وإستئجار الحناجر في الإذاعات .. والأقلام في الصحف .. ولم تسلم هذه البلاد من شراسة ذلك الزمان .. والراكضين في دروبه الهوجاء رغم الموقف المعتدل . والراكد لهذه الدولة وقادتها .. فكان خالد وأخوه محمد سيفين مسلطين في جنوب المملكة أناخا رؤوس البغي والإعتداء .. هذا إلى جانب خدمات سابقة معظمها في ميادين الحرب . والتصدي للعصيان الجاهل والإدارة ومواجهة الصعاب . وقد قام أبناء خالد رحمه الله بعد وفاته بمحاولة لإبقائه في أذهان الأجيال القادمة . فأنشأوا بعد موافقة الدولة جائزته العلمية والأدبية . وتولى ذلك كبير أبنائه معالي الأمير فهد بن خالد السديري الذي حرص على أن تتطور هذه الجائزة وأن يكون فيها تشجيع ودفع لطلبة العلم المبرزين .. وكان أول ظهورها في نجران حيث كان خالد رحمه الله يقود المعارك أمام المعتدين آنذاك ، ولأن إبنه الأمير فهد خلفه في إدارة المنطقة بعد وفاته . فقد نشأت الجائزة هناك . ثم رأوا أن تنتقل إلى مسقط رأسه فكان رأياً صائباً لأنها ستخدم منطقة هي منطقة الإنتماء المبتدئ .. فكان لها تأثيرها الكبير ونفعها الشامل . وترأس إحتفالاتها المتكررة عد من الأمراء الفعالين . لمعرفتهم بمكانة خالد رحمه الله وتضحياته العديدة من أجل هذه البلاد وقادتها الكرام .  وبالأمس تكريم الأمير فهد بن سلطان بترؤس حفل الجائزة في محافظة الغاط .. مسقط وجود "السدارى" .. وكما كانت من قبل فقد كان لها تأثيرها النافع لأبناء الغاط والزلفي والمجمعة وسدير وما حولها . بقي أن أقول .. حبذا لو أنشئ منتدى أدبي يحمل إسم الراحل الكريم في المنطقة نفسها يخدم الفكر والأدب فيها ويجمع أبناءها في حفلات أدبية دورية . تجعلنا فعلاً نقدم لخالد السديري رحمه الله شيئاً ولو بسيطاً مما قدمه لنا ولبلادنا ..

جريدة الجزيرة السبت 16محرم 1423هـ 30من مارس آذار2002م

 

تكريم متميز ووفاء نبيل

مما لا شك فيه أنّ تكريم الجادّين في دراستهم والمتفوّقين من أبنائنا وبناتنا الطلاّب والطالبات في تحصيلهم العلمي ونهلهم المعرفي، سنّة حميدة ذات آثار إيجابية فاعلة في تشجيع أجيالنا الصاعدة على المزيد من النّهل المعرفي المعطاء والتنافس الدراسي البنّاء وإعدادهم للإسهام بكلّ دراية وإخلاص في مسيرة الخير والبناء، ولقد أحسن صنعاً أصحاب المعالي والسعادة الإخوة الأحبّة أبناء صاحب المعالي الأمير الجليل خالد بن أحمد السديري - حفظهم الله - بتخصيص جائزة تكريمية سنوية للمتفوّقين في تحصيلهم التعليمي والدراسي، استمراراً لما كان في أعماق معالي والدهم العظيم - تغمّده الله بواسع رحمته - من إيمان صادق بأهمية العلم بكل تخصصاته والتعليم بكل معطياته في الإعداد الحق لأبناء الوطن وبناته، والمشاركة المعطاءة في بنائه وازدهاره..

نعم لقد كان معالي الأمير خالد بن أحمد السديري - طيّب الله ثراه - ذا حنكة قيادية ودراية عسكرية، وكان قدوة إدارية وصاحب أيادٍ كريمة إنسانية، وله في كل هذه المجالات إسهامات ومواقف معطاءة في خدمة دينه وملوك بلاده الذين عمل تحت قيادتهم السامية، وفي رفعة وطنه ونفع مواطنيه بكل مبادراته الشخصية واهتماماته الوطنية المخلصة التي عرفت به وتميز بها، أثناء توليه مهامه القيادية أميراً لمنطقة تبوك ثم في المنطقة الشرقية ثم المنطقة الجنوبية ووزيراً للزراعة ثم أميراً لمنطقة نجران حتى وفاته - تغمّده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته -.
وإضافة لكلِّ هذه الصفات الجليلة، كان العلم والتعليم وتشجيع الدارسين في أول اهتماماته ورعايته الكريمة في كل المناطق التي تولّى مهام إمارتها.
ولقد عرفتُ ذلك من سيدي ووالدي محمد بن موسى السليم - رحمه الله وطيّب ثراه - الذي سعد بالعمل مع معالي الأمير الوالد خالد السديري في مهمّات رسميّة ذات أهمية بتبوك والظهران وجيزان، أثناء مرحلة من أهم مراحل البناء وتوطيد الأمن وتعميق الهناء في هذا الكيان الكبير، تحت لواء وقيادة وتوجيهات جلالة المؤسِّس العظيم الملك عبد العزيز - تغمدّه الله برحمته وطيّب ثراه وأسكنه فسيح جناته -.. ولا أنسى أبداً ما كان يحدِّثني به والدي وهو يحثّني على حبِّ القراءة والاهتمام بالدراسة، أنّ مجالس الأمير خالد السديري لا تخلو دائماً من المواعظ الدينية والمناقشات الأدبية والتاريخية والقراءات الشعرية .. وكان - رحمه الله - من أوائل الداعمين لصاحب الفضيلة الداعية الجليل والمربي القدير الشيخ عبد الله القرعاوي - تغمّده الله برحمته وأجزل مثوبته - في نشر العلم والمعرفة بأمور وواجبات الشريعة الإسلامية في مدن وقرى منطقة جيزان، التي تخرّج من معاهدها الدينية علماء أفاضل، ومنهم الشيخ العلاّمة حافظ بن أحمد الحكمي - رحمه الله - الذي استقبله الوالد الأمير خالد السديري في مجلسه، عندما أحضره الشيخ القرعاوي معه وهو لا يزال في بداية العقد الثاني من عمره؛ فأعطاه معالي الأمير من رعايته الأبوية الشيء الكثير وشجعه على ملازمة شيخه الجليل والنّهل من معين المعرفة، آملا أن ينفع الله به وطنه ومواطنيه، وكان ذلك ديدنه مع كل طلاّب العلم والمعرفة وخاصة تلاميذ الشيخ القرعاوي وأساتذة حلقاته الدينية التي كان لها حسب ما يعرفه مؤرخو المنطقة، الأثر العظيم في نشر العلم وعشق التعليم بين أبناء جيزان.
ومن الجدير بالذكر أن أشير في هذه العجالة بكل اعتزاز وفخر، إلى أنبل موقف وفاء لا يزال له الأثر المعطاء في نفسي وجدته وأنا في بداية السادسة عشر من عمري من معالي الوالد الشهم الوفي الأمير خالد السديري، عندما بادر - جزاه الله خيراً - باستدعائي أثناء تواجده في الطائف، وذلك بعد بضعة أشهر من وفاة والدي - رحمه الله -، فتشرّفت بالسلام عليه، وكان أول ما سألني عنه مسيرتي الدراسية وأكّد عليّ بكل جد وحزم بدافع من عطفه الأبوي ووفائه لإخلاص والدي، أن أستمر في دراستي حتى التخرّج من الكلية، وأن لا أفكر بتاتاً بالانشغال عن الدراسة أو الانصراف إلى الوظيفة، حتى أستطيع أن أصل إلى ما كان يأمله والدي وما نذرت نفسها من أجله والدتي لإكمال دراستي الجامعية، خاصة وأنني وحيدهما - رحمهما الله -.
إنني في كل مرّة أتذكّر فيها هذا الموقف الكريم الذي يفوح بشذا وفاء الصداقة وصادق المحبة، تخنقني العَبْرة وأذرف الدمعة، ولا أجد إلاّ أن أبتهل إلى الله العليّ القدير أن يتغمّد بواسع رحمته ورضوانه والديّ الكريمين ومعالي الأمير الشهم الوفي خالد السديري ووالديه، وأن ينعم على أصحاب المعالي والسعادة أبناءه الأجلاء وبناته الفاضلات بدوام الخير والهناء في حياتهم ومواصلة البرّ والوفاء لوالدهم، وأن يوفق أبناءهم لمواصلة الإخلاص والعطاء لوطنهم وتعميق هذا الإخلاص الوطني وهذا التميز الاجتماعي في نفوس أحفادهم برّاً ووفاءً واعتزازاً بمسيرة الآباء والأجداد، ومواصلة لهذا العطاء الوطني والاحتفاء العلمي الذي يشرق في سماء (مدينة الغاط) الجميلة بتكريم سنوي متميز للمتفوقين في مسيرة التعليم وببرٍ ووفاء نبيل لذلك الراحل العظيم .

موسى بن محمد السليم

 عضو مجلس الشورى

المصدر جريدة الجزيرة العدد 13664 الخميس  01/ ربيع الأول 1431هـ

يشرف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع - حفظه الله - يوم الأربعاء 30 ربيع الأول 1433هـ، الموافق 22 فبراير (شباط) 2012م، جائزة الأمير خالد السديري - رحمه الله - للتفوق العلمي في مزرعة الخالدية بمحافظة الغاط ، التي دعاه إليها معالي الشيخ فهد بن خالد السديري. الخ
عندما أكتب عن الراحل الأمير خالد بن أحمد السديري فلأنني التقيته شخصياً عام 1388هـ، الموافق 1968م ، بعد الحرب اليمنية الأهلية في اليمن، وأثناء محاولة العدوان على حدود المملكة العربية السعودية الجنوبية في الربع الخالي. وقد التقيته بدعوة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله -. وقد تلقيت هذه الدعوة الكريمة من الصديق اللواء علي الشاعر في بيروت لتغطية هذا الحادث العدواني الغاشم مع وفد صحفي لبناني، وكنت ممثلاً لصحيفة «الحياة» اللبنانية، ووصلنا بطائرة عسكرية سعودية نقلتنا من الرياض العاصمة إلى منطقة الوديعة التي تعرضت لهذا العدوان.
وقد استقبلنا الأمير خالد السديري - رحمه الله - ووصف لرجال الإعلام السعودي واللبناني كيف صدت القوات السعودية العدوان من بلد شقيق له حدود مشتركة مع المملكة ، وشاهدنا المدرعات التي دخلت الحدود السعودية، والتي عُرضت في الصحراء السعودية في الوديعة.
وكان الأمير خالد يفتخر بإيمانه المطلق لوطنه ولقيادته الحكيمة وبرد القوات السعودية هذا العدوان على الأراضي السعودية، عاملاً على انتصار الحق وإعادته إلى نصابه.
وفي لقاء خاص مع الأمير خالد قال لي «إن المملكة العربية السعودية لم تفكّر في يوم ما بأن تقوم بعدوان على دول أخرى، ومن واجبها الأخلاقي الإسلامي العسكري أن ترد أي عدوان على أراضيها التي هي أرض الآباء والأجداد، ومن حقها حماية حدودها جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً؛ لأنها أنشأت قواتها العسكرية الدفاعية الممثلة في وزارة الدفاع والطيران والحرس الوطني والأجهزة الأمنية للدفاع عن كرامة وسيادة الوطن؛ لأن نفس الإنسان في الإسلام معصومة، لا يجوز الاعتداء عليها أو النيل منها التزاماً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه)».
لقد وجدت الأمير خالد السديري يقول الحق والحقيقة؛ لأن الإسلام قرر مبدأ الحرية لنفس المسلم باعتبارها معصومة لا يجوز الاعتداء عليها أو النيل منها. إنه يستحق الاحترام؛ فهو يجاهد مع المجاهدين في سبيل الدفاع عن وطنه، إنه شريف النفس، إنه رجل حكيم، ولا يضيع وقته سدى، ويضطلع بأعمال هو كفء لها، إنه رجل لا يعرف التملق والإطراء، إنه رجل يبني الجسور ويشق الطرق وسط الصحاري.
إن الأمير خالد السديري من عائلة كريمة في المملكة العربية السعودية، وهو من رجال الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه – الخ .
 

الكاتب والصحفي مطيع النونو

المصدر جريدة الجزيرة الصادرة بتاريخ 22/02/2012م

صفحة وجهات نظر

 

حـــرب اليمـن

لقد انتقل الأمير خالد السديري لجوار ربه قبل أكثر من ربع قرن ويطيب لي أن أكتب عن دوره في أحداث حرب اليمن عندما كان مسئولاً في نجران من خلال معرفتي وأهتمامي وقربي من موقع الحدث .

لقد كانت حرب اليمن فترة عصيبة من تاريخ نجران بشكل خاص الذي ينعكس على تاريخ المملكة بشكل عام ولأنني من المعاصرين لتلك الفترة رغم حداثة سني منذ بداية الثورة اليمنية وحتى نهاية الأحداث وإعتراف المملكة بالجمهورية اليمنية فأحب أن أذكر الأتي :

أولاً : ثورة 26 سبتمبر 62 لم تكن الأولى على أسرة حميد الدين بل سبقها عدة محاولات للإطاحة  بهذه الأسرة ولكنها فشلت .

ثانياً : ثورة 62 سبق لها الإعداد والتخطيط من قبل القيادة المصرية في فترة توهجها في عهد عبد الناصر صحيح أنها قامت بأيادي يمنية لكن الدعم المعنوي والمادي والعسكري كان مصرياً بدليل حضور القوات المصرية بعد الثورة بوقت قصير .

ثالثاً : الثورة في اليمن بالنسبة لجمال عبد الناصر لم تكن إلا البداية لأن أحلامه كانت أبعد بكثير من الثورة اليمنية كان الهدف هو أكبر وذلك إتضح فيما بعد حيث كان الهدف هو نشر المد الثوري للجزيرة العربية وشمالها من خلال اليمن .

ومن هنا تأتي أهمية ما حدث في نجران لأن نجران كانت المنطقة المتاخمة لليمن والتي ترتبط بحدود برية طويلة منها ما هو صحراوي ومنها ما هو جبلي ولذلك كان التركيز قوياً من قبل الجيوش المصرية على هذه المنطقة جوياً وبرياً لفتح ثغره على الحدود السعودية  . ومن هنا أدرك الأمير فيصل ( الملك لاحقاً ) رحمه الله هذه الخطة وبذلك أصبحت نجران في قلب الحدث بين زعيمين عربيين فيصل ببعده الإسلامي وعبد الناصر ببعده القومي .

لقد قصرت الحديث المطول حتى أعطي فكره عن أهمية نجران وما حدث فيها والرجال الذين أنتدبوا لهذه المهمة المصيرية والهامة فيما يخص إستقرار الأوضاع في ذلك الجزء الحساس . فإذا عرفنا أن الملك فيصل إنتصر في النهاية على جمال عبد الناصر بخروج القوات المصرية من اليمن وحرمانه من بلوغ أهدافه التي كما ذكرنا كانت تتعدى حدود اليمن فلابد لنا أن نتعرف على الرجل الذي أنتدب لهذه المهمة في نجران وهو بلا شك رجل الساعة آنذاك الأمير خالد السديري الذي جاء مشرفاً على إمارة نجران بعد الثورة مباشرة وكلمة مشرف تعني أشياء كثيرة فهو لم يكن أميراً للمنطقة وحسب بل أعطي صلاحيات واسعة سواء من الناحية العسكرية والأمنية أو من ناحية الشئون الداخلية . وقد لعب الرجل دوره بإتقان منقطع النظير . إستطاع من خلال تنفيذ توجيهات رؤساءه المتمثلة بدعم القوه الملكية المرتكزة على القبائل اليمنية ضد القوات المصرية الغازية , وبسبب فهمه للعقلية اليمنية القبلية عزز مفهوم أن ترى هذه القبائل في القوات المصرية أنها قوات غازية هدفها إحتلال اليمن وليس مساعدته وإستخدامه كوسيلة لنشر مده الثوري لدول الجزيرة العربية وبالذات المملكة . وكنا نرى كيف أن بعض أفراد القبائل اليمنية يتوافدون بالآلاف على نجران للحصول على التموين في سلم اجتماعي مدهش والإنطلاق لمحاربة الجيش المصري على الجهة المحاذية لنجران مثل الجوف وصرواح والخارد حتى حدود بلاد سحار وهمدان المحاذية لنجران في منطقة صعده . لقد كانت القوه الملكية القائمة على القوى القبلية تنظر لهذه القوات كقوات غازية تختلف معهم في كل شيء من حيث العادات والتقاليد والممارسات التي ينظرون لها بعين الريبة . وأصبحت القوى المصرية لقمه سائغه لهم . نعود فنقول أن تلك المرحلة كانت مرحلة حاسمة للمملكة في مواجهة المد الناصري وقد تم التعامل معها بإستخدام جميع الوسائل السياسية والتكتيكية المتاحة في ذلك العصر وتم من خلالها تحقيق الإنتصار في داخل اليمن دون أن يشترك جندي سعودي واحد وقد أدى المفوض بإدارة هذه المواجهة في ساحة نجران الأمير خالد السديري دوراً رئيسياً ومشرفاً وهذه حقيقة ما جرى من شاهد على المرحلة .

 العقيد متقاعد / علي آل مستنير

09 / ربيع الأول / 1428هـ

المرحوم الأمير خالد الأحمد السديري واحد من الرجال الذين لن يعيدهم التاريخ ولن يجود الزمان بمثلهم .. كان غفر الله له دمث الخلق ، بعيد النظر ، متوثب الطموح ، له مكانه خاصة في ذهن الوطنية السعودية . حينما تسمع لمن عاصروه وهم يتحدثون عنه تعيش لحظات أمام إنسان بإنسانيته غمر النفوس وبهج المكان .. وخلده الزمان .. بما قدمه من أعمال إنبثقت من مرئيات صائبة منطلقها الصدق .

راشد بن جعيثن

مجلة اليمامة العدد 905 الأربعاء 6 رمضان 1406هـ

 

السدارى أسرة علم وثقافة وإدارة

قرأت التغطية الكاملة لجريدة (الجزيرة) حول تشريف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض حفظه الله لتسليم جائزة معالي الأمير خالد بن أحمد السديري لمحافظة الغاط نهاية الأسبوع الفائت ولا شك أن رعاية سموه الكريم لهذه الجائزة وغيرها من مناسبات العلم والخير لدليل علي حرص سموه علي تشجيع العلم والعلماء ، أما أن تكون الجائزة تحمل إسم رجل يعتبر علم من أعلام العلم والإدارة وهو المرحوم الأمير خالد السديري فهذا يحمل دلالات كثيرة بعناوين كبيرة فالمرحوم رجل علم وإدارة ومواقف وطنية يعرفها الجميع وهذه لم تكن أحداث مرت في جزء من مراحل حياته فحسب بل كان منذ بواكير شبابه وهو يحب العلم والثقافة والأدب والشعر بالإضافة إلي أنه كفاءة إدارية كان آخرها وزيراً ثم أميراً لمنطقة حدودية مهمة ومن منا لا يعرف الأمير خالد السديري وصولاته وجولاته في تشجيع العلم ومهامه الوزارية والإدارية التي تقلدها وجاء من بعده أبناؤه الذين كانوا بمثابة الصورة الحقيقية التي تعكس قيم وأخلاقيات الراحل الكبير الذي خدم دولته ووطنه ويكفيهم فخراً أنهم تخرجوا من مدرسته وهي الشاملة ثقافة وأدباً وإدارة . وكنت في السابق وإبان تولي المرحوم إمارة منطقة نجران أستمع لأخي الأكبر صالح عندما كان يعمل رئيساً لعدة مراكز لسلاح الحدود في نجران ولعدة سنوات عندما كان يروي قصص وبطولات الأمير خالد السديري التي تدل علي حنكته ودهائه وصبره وحكمته في إدارة شؤون المنطقة ومعالجته لبعض القضايا بحكمة وبعد بصيرة وكان يروى عنه أنه رجل إدارة من الطراز الأول كسب محبة أهل المنطقة وله مجلس يرتاده ذوي الرأي والشعراء والأدباء وتعتبر الفترة التي قضاها أميراً لمنطقة نجران نقطة فاصلة ومضيئة في حياة الناس وتنمية المنطقة .

وخلاصة القول إن الجائزة التي تحمل إسم علم مثل خالد السديري هو فخر للجائزة ومكانة راقية لها ولاغرو فأسرة السدارى أسرة علم وأدب وثقافة وإدارة فمن منا لا يتذكر الأمراء تركي وعبد العزيز وخالد ومحمد وعبد الرحمن ومساعد الذين تولوا إمارات مهمة وأدوا الأمانة بكل إخلاص لخدمة ولاة الأمر ورفعة بلادهم وكانوا رحمهم الله علامات بارزة في إدارة تلك الإمارات التي تولوا إدارتها في ظروف صعبة بحنكتهم وحسن إدارتهم تغلبوا علي كل الصعاب وساهموا في توطيد الأمن فيها بالإضافة إلي ما يمتازون به من حب للأدب والعلم والشعر مما أكسبهم مكانة إجتماعية مرموقة . وفق الله القائمين علي هذه الجائزة ورحم الله صاحبها وبارك في جهود أبنائه البررة .

محمد المسفر

رئيس مركز الجريفة بشقراء

المصدر : جريدة الجزيرة العدد 12851 صفحة عزيزتي الجزيرة 25 ذوالقعدة 1428هـ الموافق 5 ديسمبر2007م

 

تطور تبوك

شهدت مدينة ومنطقة تبوك كغيرها من المدن والمناطق السعودية تطوراً متدرجاً تحت ظل القيادات السعودية المتعاقبة، ابتداء من الملك الموحد عبد العزيز إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وولي عهده الأمين وحكومته الرشيدة.

بدأ التغير الجذري في تبوك عندما قدم إليها الأمير خالد السديري عام 1366 هـ لقد كانت مدينة تبوك الحالية كما روى العديد من شهود العيان وبعضهم أحياء عبارة عن مركز صغير ومنشآت قليلة متناثرة باستثناء قصر حكومي مبني من الطين وقشلة للشرطة ومبنى للمالية ومسجد واحد وبير تسمى (السكر) وبير تدعى الكرنتينة للسقيا ومباني على سكة الحديد تسمى (التصاوين) فيها اللاسلكي والبريد وغرف سكنية، وتبعد عن المركز حوالي كيلو متر وزراعة قليلة جداً مثل مزرعة صغيرة لابن محارب وأخرى لعيد بن حرب وغيرهم، وكان المسؤول فيها رجل فاضل هو عبد الرحمن بن محارب، واستمر في العمل هناك بعد مجيء الأمير خالد وكانت القرى الساحلية الواقعة على الساحل كضباء وأملج والوجه إمارات إما مستقلة أو تابعة لإمارات أخرى، وكان في ضباء بن نفيسة وبدأ الأمير خالد بتكوين إمارة تشمل الساحل إلى حقل شمالاً، وتكون مدينة تبوك مركزاً لها، كما ذكر ذلك هو رحمه الله في مقابلة مع جريدة الندوة (جعلت من تبوك مقراً لقاعدة المنطقة) بتاريخ الثلاثاء21-2-1379 هـ وقد ضم لإمارة تبوك من إمارة القريات كلا من: علقان، وأبا لحنشان، ومركز حاج الذي استبدل بمركز بير بن هرماس، وأنشئت مراكز جديدة مثل السان، والخريبا، دمج، رايس، والقليبة وغيرها وبدأت تأخذ حجمها كمنطقة، وقد تكلم عن ذلك المستشار والرحالة عبدالله فلبي الذي قال (إلى خالد هذا تدين مدينة تبوك بما تتمتع به حالياً من تقدم وثراء نسبي) وقال أيضاً (أما ضاحية السكن الجديدة التي تعرف باسم الخالدية نسبة لمؤسسها الأمير الحالي خالد السديري فتقع إلى الشمال الغربي) وقد ذكر عضو مجلس الشورى سابقاً الأديب والكاتب المعروف محمد بن عبد الله الحميد (بادر خالد إلى تخطيط تلك المدينة، وكانت صحراء قاحلة، ولكنه شجع أهاليها على استزراعها والاستيطان فيها) وقد حفر -رحمه الله- أول بئر ارتوازية تشجيعاً للزراعة في مزرعة له، وتم تقسيم ما يسمى بالخالدية. وفي أثناء وجوده هناك بدأ الاتجاه بأن تكون مدينة تبوك منطقة عسكرية.

عندما نقل عام 1375 هـ ليحل محل أخيه عبد العزيز بعد وفاته ليعمل كوزير للزراعة تولى أخوه مساعد إمارة تبوك لمدة ستة عشر عاماً، واستمر النمو والتطور المطرد لكل من: المدينة والمنطقة التي أصبحت قاعدة عسكرية أساسية وكان لوزارة الدفاع ممثلة بوزيرها الهمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز أطال الله في عمره دوراً رائداً في تدفق النمو والتطور وإستمرت على هذا المنوال طوال الإحدى عشرة سنة اللاحقة التي كان سليمان بن تركي السديري وكيلاً وقائماً بأعمال أمير إمارة تبوك وعندما عين صاحب السمو الملكي المرحوم الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أميراً لمنطقة تبوك حصلت على قسط وافر من النماء والتطور، ونفذت العديد من المشاريع فيها واستمر ذلك الوضع عندما تولى أخوه ممدوح إمارة المنطقة.

وعندما أصبح أميرها الحالي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أميراً لها وهو أطول من تولى الإمارة في تاريخها ركز على جعلها مدينة سعودية نموذجية ومركزاً لمنطقة يشار إليها بالبنان، وتتطور كل عام -وفقه الله- فيما يقوم به من عمل دؤوب لخيرها ونمائها.

متعب خالد السديري

المصدر جريدة الجزيرة صفحة الرأي (43) الجمعة 1جمادى الأول 1428ه الموافق  18مايو 2007م